أقلام الصحف السعودية

‎مبروك.. لمن أحيا الاتحاد ومات | بقلم محمد البكيري

محمد البكيري

.. هم يرونها.. كأساً بطولية. ومجداً متجدداً يضاف إلى امتداد الإنجازات التي باتت تشكل سقف طموح البعض.
.. هم يرونها.. بريقاً ذهبياً يضيء شيئاً من دروب عميد الأندية التي عمتها غشاوة الرؤية وسط جبال الهموم والديون والقضايا التي تشبه ملفات من جمر تخشى كيها.. لكن مجبراً على تقليبها وتحمل حرقتها للتخلص منها.
.. هم يرونها.. كأسا تروي شيئاً من عطش وأشياء من شغف وشيئا وشويات من التقاط الأنفاس..
.. هم يرونه.. تتويجاً لسفر شاق يبعد (13) عاماً عن آخر قرين له.. وعلى بعد (4) أعوام من آخر كأس دخلت خزائن النادي.
.. هم يرونه.. ويروون عنه أرقاماً وسطوراً وصوراً وتفاصيل تملأ كل البراويز التي تليق ببطل نحت مخالبه كفريق في صخر التحديات وزحمة المنافسين ليقول: هاهنا أنا. وقال وطال.
.. هم يرونه.. وكلاً يراه كما يشاء.. وكيف شاء، فهو يستحق. لكن هناك من يراه مثلي من العمق.. من تلك اللحظة التي تقدم فيها الرجل الذي يشبه وقار ناديه التسعيني.. مهيباً يتوكأ على ثراء التجربة. وإرث المجد بخطى واثقة على نثرها في الجنبات الشائكة والمتشابكة داخل النادي هدوءاً وحلولاً..
.. كان يتهرب من قبل المشي في أرض الألغام الصفراء والسوداء. يفكر مرة ويتراجع مرات عن المغامرة بتاريخه وسط الصفوف المتناحرة والمسؤولية المباشرة للقيادة. ليس هذا الوقت المناسب.. هكذا كان يقول.
.. تكاثرت الجروح في الكيان.. فتكاثر عليه المحبون طلبا. وشد الداعمون الجدد أزره.. مالاً. أنت خياراً أول. أو فلا. هكذا حسموا أمرهم.
.. وهكذا فكر ثم فكر. ثم تأمل فقرر: توكلنا على الله. وما خاب من كان الله وكيله في كل تفاصيله.
.. لم يثنه شيك الـ(30) مليونا. وسرب الديون. وصراع الديوك . وتضارب اجنحة الصقور في أرض وسماء الاتحاد.
قال: جئت أعمل لنادينا جميعاً. ولا أشك أو اشكك في أن تضعوا يدي بيدكم. لا فرق عندي بينكم. أما خلافاتكم فلكم.
.. كأنه وضع شعاراً.. وفرض هدوءاً. وألزم الفرقاء بالتنازل عن ضوضائهم. وقد نجح.
.. فتح غرفة القيادة الساخنة بينه وبين الداعمين لرسم الخطوط العريضة للإنقاذ. للترميم للتجهيز. لصنع فريق يضعه على خط العودة.. وخطى المنصة..
.. تعاقد مع محترفين هم الأنجح. منذ سنوات، لم يحدث ذلك للفريق سدد وقارب بين مصلحة ناديه واللاعبين الأصلح. وجدد عقودا.. واستحدث نجوما.. ووضع على رأسهم مدرباً يجيد قيادتهم وترويض المنافسين… أيضا ذلك لم يحدث منذ سنوات.
.. غادر بهم إلى معسكر تركيا.. رئيساً وحيداً لم يرافقه لا إداري أو شرفي. لا معيناً له إلا الله ثم ثقته بنفسه وفي ابنائه اللاعبين. الفريق الجديد عناصر وروحاً.
.. هناك ابتسم راضياً بالبداية.. واثقاً من ثمار النتيجة بعين الأب لابنائه.. وبعين الرئيس الخبير. وقال بمنتهى الثقة: طموحي مع الاتحاد يصل إلى عنان السماء.
ثم أغمض عينيه ورحل إلى رب السماء. بعد أن أحيا الاتحاد.. ومات.
.. رحم الله الرئيس الذهبي احمد عمر مسعود. الذي حقق (8) بطولات في حياته.. واسهمت (روح الاتحاد) التي غرسها خلفه في قلوب اللاعبين والجمهور شعاراً.. وانجزوها له عملاً في شكل حضور وهيبة كبطولة تاسعة في سجله الشرفي الذي لا ينسى ويتزين بها اتحاده فلا تنسوه من دعائكم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الرجاء تعطيل إضافة مانع الإعلانات حتى تواصل تصفح الموقع