أخبار الصحف السعودية

صحيفة عكاظ | فوضى التشكيلة والتغييرات العشوائية كادت تهزم الاتحاد

كتب: الخبير الفني

●● عجبت كثيرا للتشكيلة «الخنفشارية» التي بدأ بها مدرب الاتحاد «بيتوركا» مباراة فريقه أمام نجران.. وقطعت منذ اللحظة الأولى أن من اختار هذه التشكيلة العجيبة «مغامر كبير»، أو أنه لا يعرف حقيقة فريق نجران الذي يدخل هذه المباراة وهو على الحافة مهددا بالسقوط والتراجع إلى الدرجة الأولى، فضلا عن طبيعته كفريق عنيد وغير سهل، أو أنه أراد بهذه التشكيلة أن يضع البعض أمام أمر واقع.. إذا كان هناك من فرضها أو اقترحها عليه.. لكنني متأكد بأن مدربا خبيرا مثله لا يمكن أن يلعب بمثل هذه التشكيلة.. التي وضعت «كيفما اتفق».. وكأنه أراد بذلك مجرد تجميع نجوم الفريق في مواجهة مع فريق مهدد بالغرق.

 

●● وتعالوا ننظر ماذا فعل المدرب؟

 

●● لعب بيتوركا بالتشكيلة التالية:

 

●● فما هي أبرز ملاحظاتنا على هذه التشكيلة؟

 

●● أولا: ليس لنا اعتراض على اختيار الناهض في حراسة المرمى؛ لأنه «خير الموجود» في الوقت الراهن.. وقد قدم أقصى ما يستطيع ودافع عن مرماه بإتقان طوال الشوطين.

 

●● ثانيا: كان زج المدرب بـ «عبدالله الشهيل» في هذه المباراة كظهير أيمن مغامرة مبكرة أفقدت هذه المنطقة صفة الاستقرار التي تحققت في الفترة الأخيرة بوجود «راشد الرهيب» بالتناوب مع «صالح القميزي»، وفي ذلك استهانة بفريق نجران وطرفه الأيسر الخطير.. وقد تسبب «الشهيل» في ضربة الجزاء..

 

كما تسبب تقدمه المبالغ فيه لأداء أدوار هجومية غير مطلوبة منه في مضاعفة الجهد المطلوب من «جمال باجندوح» في الوسط، و«لوكاس» في عمق دفاع الاتحاد لتغطيته هفواته..

 

●● وما ننصح به هو، أن يراجع المدرب حساباته بالنسبة لهذه الخانة التي أصبح لديه فيها تشبع كبير.. وأن يختار أحد الثلاثة لكل مباراة بعناية، وفقا للأدوار المطلوبة منه وفقا لخارطة الفريق الآخر ولا يكرر خطأ الأمس.

 

●● ثالثا: جاء اختياره لـ «جمال باجندوح» كمحور ارتكار موفقا.. بعد أن استرد مستواه عقب تجميده على دكة الاحتياط لفترة من الزمن ووضع إلى جانبه «سان مارتن»، وقام الاثنان بواجبهما الدفاعي والهجومي بتناغم كبير .. وكانا الأبرز في الفريق طوال المباراة.. وتبادلا الأدوار الدفاعية والهجومية بكفاءة تامة.. وإن جاء ذلك على حساب «محمد أبو سبعان» الذي أراحه المدرب على «الدكة» بعد مجهوده الكبير في المباريات السابقة وذلك تصرف حميد.. ومنطقي.

 

●● رابعا: لكن المشكلة الأكبر التي وقع فيها المدرب هي رغبته في تعزيز الهجوم وتحقيق نتيجة مبكرة، فكان هذا التكدس بوجود كل من «فهد المولد» على الطرف الأيسر.. وقريبا منه «عبدالفتاح عسيري» وعلى الطرف الأيمن «ماركينهو» وأمام الجميع عبدالرحمن الغامدي.

 

هذه «الزحمة» غير المبررة اضطر إليها «بيتوركا»؛ لأنه كان يحتاج إلى وجود «ماركينهو» للتصدي للضربات الثابتة.. وإن ظهر منذ اللحظة الأولى أن اللاعب مرهق ومشتت الذهن.. ومتهالك.. وغير مستعد لإكمال شوط واحد.. بينما كان عليه أن يريحه في هذه المباراة حتى يسترد لياقته.. ويتخفف من حالة التعب التي أصابته ويدفع بـ«عبدالفتاح عسيري» إلى الطرف الأيمن ويلعب بـ «أبوسبعان» إلى جانب «جمال» لأنه وإن كان بحاجة إلى الراحة إلا أنه أنشط من «ماركينهو».. وبالتالي يتخلص من حالة «التلبك» الهجومي التي أصابت خط المقدمة الاتحادي بوجود (المولد – عسيري- مارتن – ماركينهو).

 

●● خامسا: كما أدت حالة التلبك هذه إلى ضياع وعزلة «عبدالرحمن الغامدي» في المقدمة بدل أن تؤدي إلى مساعدته وتعزيز القوة الهجومية.. ومفاجأة دفاع نجران بهجوم كاسح وهو الذي فكر فيه المدرب -على ما يبدو- لكنه لم يتحقق للأسباب التالية:

 

أ- تضخم الناحية اليسرى بوجود فهد المولد وعبدالفتاح عسيري، ومن ورائهما الظهير الأيسر النشط محمد قاسم.. إلى درجة تكرار الأدوار وعلى حساب الجهة اليمنى التي عانت كثيرا بوجود «ماركينهو» بمفرده وبلياقته المتهالكة.

 

ب – اضطرار «سان مارتن» للتقدم واللعب خلف المهاجم عبدالرحمن الغامدي.. الذي تعود على الحركة على طول الخط، وكان المفروض أن يتبادل عبدالفتاح عسيري معه المواقع.. بدلا من أن يلعب في الجهة اليسرى ليغطي حالة توهان فهد المولد وعدم تركيزه في المباريات الأخيرة.. وبالتالي كان هجوم الاتحاد «مرتبكا» وغير مترابط.. نتيجة حالة التضخم.. وتكرار المهام والأدوار..

 

ج- انتهت المشكلة تماما.. عندما أخرج المدرب «ماركينهو» وأعاد عبدالفتاح إلى مركز الجناح الأيمن.. وحقق هدف التعادل بجهده المألوف؛ لأنه لاعب مجيد للعب في الطرفين الأيمن والأيسر، وهذا ما كان يجب أن يكون منذ بداية المباراة.

 

●● سادسا: كرر مدرب الاتحاد الخطأ.. عندما أنزل «مختار فلاتة» بديلا عن «ماركينهو» بظن أنه يعزز الهجوم عندما يلعب برأسي حربة.. وهو تفكير منطقي.. لكنه كان من الواضح أن اللاعبين (مختار/ الغامدي) لم يتلقيا تدريبا كافيا لشغل الموقعين.. وذلك بإيجاد درجة أفضل من التجانس بينهما.. حيث استمر كل منهما يلعب بطريقته الخاصة.. ولم يوفق الاثنان في تقديم شيء للاتحاد.. رغم اجتهاداتهما الفردية الواضحة..

 

●● أما الإجراء الصحيح الذي كان على المدرب أن يتخذه عندما أخرج «ماركينهو» فهو إنزال «أبوسبعان» لإغلاق منطقة الوسط إلى جانب «سان مارتن» على أن يتقدم «باجندوح» ويلعب وراء «عبدالرحمن الغامدي» مباشرة.. وهو الدور الذي قام به في فترات معينة من المباراة وإن كان ذلك على حساب فراغ منطقة المحور المتأخر لنزوع «سان مارتن» في هذه المباراة إلى التقدم كثيرا وإن لم يساعده بطؤه في التخلص من الكرة.. وسرعة الاستدارة حول نفسه والتخلص من الكرة بأسرع وقت ممكن.. وإن كان قد لعب هذه المباراة بصورة أفضل من السابق.

 

●● سابعا: أنزل المدرب «عبدالرحيم الجيزاوي» في الدقيقة (69) بدلا من فهد المولد.. الذي بدا الإرهاق عليه شديدا في الفترة الأخيرة، واختفت مزاياه من سرعة.. وقدرة على الاختراق والتلاعب بالدفاع أمامه.. وطغت عليه محاولات فردية للتهديف على المرمى.. بدلا من التمرير المتقن لـ «عبدالرحمن الغامدي» أو تبادل المراكز مع «عبدالفتاح» عندما كان يلعب إلى جواره في الشوط الأول.

 

والتغيير في حد ذاته جيد.. لكن الجيزاوي من اللاعبين الذين يحتاجون إلى وقت أطول لأداء أفضل.. ويمكن للمدرب إعطاؤه الفرصة من الشوط الأول في بعض المباريات القادمة المناسبة.. لإراحة «فهد المولد» من جهة.. ولاستثمار طاقته وحيويته في الركض من جهة ثانية.. ولا استبعد أن يحقق بحماسه الكبير نتيجة أفضل للطرف الاتحادي الأيسر إذا أعطي هذه الفرصة المبكرة؛ لأن الفترة القصيرة التي أعطيها حتى الآن للعب جزء من الشوط الثاني لا تتفق مع تكوينه النفسي واللياقي والمهاري.

 

●● ثامنا: لم أفهم لماذا أقدم المدرب على تغيير «سان مارتن» في الدقيقة (86) من المباراة بـ «سيف سلمان» المحترف العراقي.

 

فقد كان «مارتن» في قمة نشاطه ولم يبدر منه أي تقصير.. كما أن «سيف» من اللاعبين الذين يلعبون من البداية فيجيدون.. ولا تتوقع منهم نتيجة في اللحظات الأخيرة.. وقد ترتب على هذا التغيير بالذات أن كان «نجران» يتعادل مع الاتحاد عندما انفرد مهاجمه «عبدالعزيز اليامي» بحارس المرمى «هاني الناهض» لولا أنه أخطأ التصرف في الوقت الذي أحسن الحارس التمركز وقطع عليه الكرة في الثانية الأخيرة.. والسبب في ذلك حالة الإرباك التي أحدثتها تغييرات «بيتوركا» في وقت متأخر من المباراة..

 

●● وبالمناسبة فإن من بين الملاحظات السلبية على بيتوركا أنه يقدم على تغييرات عشوائية كثيرة في الدقائق العشر الأخيرة من مباريات فريقه مع الفرق الأخرى.. تقترب بالفريق من الهزيمة في أكثر الأحوال.. وعليه أن يقلع عن هذا السلوك ويتدرج في التغيير عند الضرورة وليس لمجرد إشراك لاعب في مباراة من المباريات.. لأن مصلحة الفريق في الاستقرار وليست في التغيير.. وبالذات في التغييرات غير المدروسة والمتلاحقة.

 

●● هذه الأخطاء وتلك الاجتهادات كادت تعرض الاتحاد للهزيمة في هذه المباراة.. وأظهرت الفريق بمظهر غير لائق.. ولولا دعم جماهيره الغفيرة له.. ولولا «الحظ» والتمركز الجيد لمدافع الاتحاد «لوكاس» وحسن استخدامه لرأسه لخرج الاتحاد متعادلا مع نجران.. وربما مهزوما..

 

●● وللحق فإن نجران لعب مباراة عالية المستوى أمام الاتحاد وكان جديرا بالفوز عليه.. ولولا سوء تصرف مهاجميه وإهدارهم لفرص محققة لخرج الفريق بـ (3/1) مع الاتحاد الذي استحوذ على الكرة في وسط الملعب فقط.. ولعب الشوطين بارتباك شديد.. وساعده الحظ على أن ينجو من الهزيمة ويستغل أخطاء نجران، ويطيب خاطر جماهيره التي لم تكن تستحق مكافأتها بالهزيمة بعد أن أثبتت أنها الأكثر وفاء.. وحضورا.. ومؤازرة للفريق حتى في أسوأ أوقاته.

 

●● وما ميز نجران في هذه المباراة أربعة أمور هي:

 

1 – الانضباط الشديد في أداء خطوطه الثلاثة.

 

2 – القتالية والتفاني في خدمة الكرة حتى النهاية.

 

3 – الإحساس المتعاظم بأهمية وخطورة المباراة.

 

4 – التعاون وتبادل المراكز بإتقان.

 

●● وإن كان قد أخذ عليهم:

 

1 – عدم إتقان التعامل مع الكرة أمام مرمى الاتحاد رغم الفرص المهمة التي أتيحت لهم.

 

2 – بطء التحضير في الخلف.

 

3 – الإعياء الشديد نتيجة استنزاف المخزون اللياقي في الشوط الأول وتعرض أكثرهم للإصابة.

 

●● لكن الفريق (عموما) لعب أفضل مباراة له في هذا الموسم وربما في مواسم أخرى وإن خرج مهزوما للأسباب الثلاثة السابقة.. وإن كانت الفرصة أمامه سانحة للتعويض؛ لأن «نجران» لا يستحق مغادرة الدوري الممتاز على الإطلاق.

 

●● وفي كل الأحوال.. فإن زحف الاتحاد إلى المقدمة واقترابه من الوصافة كان ممكنا.. لولا «التخبط» و«العشوائية» في اختيار التشكيلات وتوزيع الأدوار.. وتجميع النجوم بصرف النظر عن التجانس المطلوب بين العناصر المختارة لكل مباراة.

 

●● وعلى المدرب «بيتوركا» أن يعرف لاعبيه جيدا.. وقبل هذا وذاك عليه أن يدرس الفريق الآخر جيدا قبل أن يختار التشكيلة النهائية.. لأن هناك ضرورة لقراءة الفريق الخصم.. ومعرفة مراكز ونقاط الضعف فيه ومعالجتها.. وسد الثغرات في فريقه حتى لا يستغلها الفريق الآخر وينفذ منها إلى مرماه.

 

●● ولكي يتجنب الاتحاد «الانتكاس» في المباريات القادمة.. فإن على المدرب أن يثبت التشكيلة الآتية ويستقر عليها.. وإن احتاج إلى التغيير في الشوط الثاني أو في أي وقت من أوقات المباراة وفقا لمجرياتها.. فإن عليه أن يغير بما يضمن له التوازن بدلا من تغيير لاعب بلاعب ليؤدي نفس مهامه السابقة؛ لأن ظروف المباراة قد تضطرك لسد الخلل في منطقة العمق الدفاعي بتحسين مستوى الأداء في محاور الارتكاز. وقد تغير ظهيرا بلاعب طرف (مهاجم).. وقد تستبعد لاعب وسط لتغير به مهاجما.. وقد تخرج مهاجما من المقدمة لتعوضه بلاعب وسط دفاعي متأخر.. وهكذا..

 
 
 

●● وإن كان هناك من تغيير لهذا التشكيل فهو بدخول «أحمد عسيري» إلى التشكيلة الأساسية بمجرد عودته بديلا عن العبسي أو أبو سبعان.

 

●● وكما قلت في البداية.. فإن لكل مباراة ظروفها.. واحتياجاتها.. وكما هو معروف فإن مباريات الاتحاد القادمة هي مع الفرق التالية على التوالي:

 

الرائد / الخليج / النصر / هجر / الهلال / التعاون / الشباب / وأخيرا مع الأهلي.

 

●● وعلى «بيتوركا» أن يهتم بإعداد وتجهيز اللاعبين.. فهد المولد / ماركينهو / القميزي / الشهيل، للاستعانة بهم في بعض هذه المباريات بعناية شديدة وحسن اختيار تبعا لمصادر القوة والضعف في الفريق المقابل.. وهذا هو الاستثناء الوحيد للمحافظة على حالة الاستقرار في صفوف الفريق والبعد عن التخبط والعشوائية التي ظهر بها في مباراته الأخيرة أمام نجران.

 

●●●

 

●● وإذا كان هناك ما أختتم به الحديث عن هذه المباراة فهو التوقف عند الأخطاء التحكيمية الكثيرة التي وقعت.. ومعالجتها بهدوء ووفقا للقانون.

رافع العمري

محب للكيان الاتحادي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الرجاء تعطيل إضافة مانع الإعلانات حتى تواصل تصفح الموقع