أخبار الصحف السعودية

صحيفة المدينة | غازي كيال: لست مداهنًا ولن أتسول تكريمي … الخبير الرياضي الذي عمل لاعبًا وحكمًا وإداريًا ومؤلفًا في حديث الذكريات

حوار – سعيد سعد تصوير: سعد الجهني

 

أحب كرة القدم منذ الصغر، وتجاوز كل الفئات السنية ليلعب مباشرة للفريق الأول بنادي الاتحاد في عمر الـ15 عام، وبعد الاعتزال لم يبتعد عن الكرة كثيرًا، فاشتغل بالتحكيم وفي عام74 رشح كأفضل حكم في آسيا، كما عمل كمدرب وإداري باعتبار امتداد الشغف للمستديرة، ولم يكتفِ بالتحكيم لكرة القدم، بل شارك في التحكيم على ألعاب أخرى كالطائرة والسلة وتنس الطاولة والدراجات.

حبه للرياضة متواتر، فعندما تم نقل خدماته للخطوط حقق طموحه بنقل رياضة كرة القدم إلى خارج الأندية، ولم يقف عند هذا الحد، بل أصبح أديبًا رياضيًا بطرح 3 مؤلفات، اثنان منها مختص بالتحكيم وقوانين كرة القدم.
إنه غازي عبدالرحمن كيال اللاعب والحكم والمدرب والإداري السابق، أحد نجوم الزمن الجميل الذين على أقدامهم بدأ الشغف برياضة كرة القدم، وكان معه هذا الحوار:
*ما رأيك في تكريم اللاعبين القدامى؟
أمر جميل ورائع، وواجب على الجميع، وآمل أن لا ينتظروا وفاة اللاعب، ليقوموا بتكريمه وإطلاق عبارات المديح والثناء عليه، مثل كان الله يرحمه طيب، لماذا لم يمدحوه وهو حي، أليس من حقه أن يستمتع بما قدم، ويقُدم له ما يستحق من عبارات أو كلمات تصف ما قدمه، وتثني عليه، وأنا لن أتسول تكريمي.
* من اللاعب الذي ترى أنه الأفضل على مر تاريخ نادي الاتحاد؟
بالتأكيد سعيد غراب، كان يمتاز بالسرعة والدقة في تسجيل الأهداف وحقق الكثير للاتحاد، وهو أسطورة بكل المقاييس.
* ولكن البعض يرى أن محمد نور قائد الاتحاد الحالي، هو الأفضل بفضل الإنجازات، التي حققها مع الفريق؟
بالتأكيد محمد نور سجل العديد من الإنجازات وحقق الكثير من البطولات، ولكن من ناحية اللعب، فهو يعتمد على اللعب الإبداعي وعلى الطريقة السودانية، في زمن الكرة الجماعية، التي تشبه لعبة «الفرفيرة»، لعب محمد نور يشبه إلى حد كبير لاعبي الزمن الماضي، والذي يختص بالمراوغة الماهر بها، ولم يتطور لعبه كثيرًا، ولا أنسى أن أتحدث عن إنسانية هذا النجم الخلوق.
* كيف لعبت كرة القدم؟
أنا لم أتدرج في الفئات السنية في الاتحاد، بل لعبت مباشرة للفريق الأول، عندما كان عمري بين الـ14 و 15 عامًا، لعبت في البداية كجناح أيسر، وفي مباراة أصيب شاكر باحجري وأرجعوني مكانه، في قلب الدفاع، وظل مركزي حتى اعتزلت الكرة واتجهت للتحكيم، وكان ذلك في الديربي التاريخي، الذي انتهى لصالح الاتحاد 8 -2.
* صف لنا المباراة، كيف كانت وماذا حدث بعدها؟
المباراة كانت قوية جدًا، وكنا في نشاط لتسجيل المزيد من الأهداف، وبعد ما انتهت المباراة هللوا الاتحاديين كثيرًا وتغنوا بهذا الفوز أكثر، ومن شدة الفرحة صنعوا 8 كرات كبيرة، وكرتين صغيرتين أمام النادي.
هل تعرضت لمواقف طريفة وأنت حكم؟
لا أنسى قصة «الشورت» عندما تمزق وأنا أركض لتحكيم المباراة، وفي ملعب الصبان حدثت المشكلة، كنا في السابق نلبس «الشورتات» ضيقة، وفجأة تمزق الشورت من الأسفل، وركضت مسرعًا نحو غرفة كانت في الصبان، وكان من البساطة في ذلك الوقت، أنهم وفرّوا لي «ترينق» طويل وأكملت به المباراة.
* هل أدرت لقاءات للاتحاد عندما كنت حكمًا؟
نعم بالتأكيد.
* ولم تتأثر بميولك الاتحادية؟
بالطبع لا، أن لا أداهن أحدًا ولا يؤثر في قراراتي التحكيمية أي شخص أو ميول، وفي إحدى المباريات حدثت قصة لي مع رجل الراية (مساعد الحكم) إبراهيم الحلبي الرجل الخلوق والحساس- رحمه الله -، كانت مباراة بين الاتحاد والأهلي، ورفع الراية، فأهملتها وطلبت استمرار اللعب، وأمرته أن يرخيها ولكنه خبأ الراية خلف ظهره، كنوع من الاعتراض على قراري، فتوجهت إليه وطلبت منه إما أن يعمل أو أن يخرج خارج الملعب، فاختار الثانية.
* استوقفتنا صورة فسألته عنها فأجاب، هذا والدي وعمدة حارة البحر وأنا وأخي فؤاد.
ولكن الإداري السابق بالنادي الأهلي طارق كيال غير موجود في الصورة، قلت له ممازحًا: «أم لأنه أهلاوي»؟
ضحك وقال لا بالعكس، ولكن لم يكن موجودًا وقتها، ومن الممكن أن يكون صغيرًا عندما التقطت لنا الصورة.
* كيف ذهب طارق إلى الأهلي، علمًا بأنه معروف أن عائلة «كيال» اتحادية؟
طارق كان في مدرسة الفاروق ومديرها كان عبدالله القنب، رئيس النادي الأهلي، وهو الذي تحدث مع الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله في أنه هناك لاعبين اثنين لكنهما اتحاديان، هما طارق كيال وعادل بكر، وذهبا الاثنان للأهلي، كان والدي عند الشيخ حسونة، وكان يمنعنا من لعب كرة القدم لدرجة أني كنت أخبئ حذائي الرياضي أسفل السلم، وجاء في ذلك الوقت الأمير عبدالله الفيصل- رحمهم الله جميعًا – وقال يا عم عبدالرحمن أنا طالبك طلب، فما كان من والدي إلا أن قال: أنت تأمر يا سمو الأمير، فرد الأمير: أريدك الآن أن تسمح لولدك طارق بأن يلعب في النادي الأهلي، فقال له أبي: طارق بين يدك، ولا أستطيع قول لا لك، كان طارق صغير في تلك الأيام، وتحوّل معه نصف البيت من إخوانه الأصغر منه سنًا إلى مشجعين أهلاويين، وعندما لعب للأهلي أصبح أهلاويًا أكثر من الأهلاويين أنفسهم، وصار متعصبًا جدًا للفريق.
* اختفى اسم كيال من الملاعب هل نصحتم أبناءكم بعدم الدخول لمجال الرياضة وخاصة كرة القدم؟
لا لم ننصحهم، ولكن الجيل الذي تلانا لم يكن رياضيًا مثلنا، يحب أن يشاهد ولكن دون مشاركة، اشتغلوا بالطب والطيران وغيرهما، وأحد أولادي بدر اتحادي فوق الوصف ومجنون، ولذا نأخذ منه المعلومات أولا بأول، ففي وقت فراغه من عمله بعد أن أنهى دراسة الطب، يتابع أخبار الاتحاد في أوقات فراغه.
* ما الدور الذي قام به الأمير عبدالله الفيصل في مجال الرياضة وكرة القدم؟
كان بانيًا للنهضة الرياضية في المملكة، وهو الذي بادر إلى رعاية كرة القدم لدينا، حينما كان وزيرًا للداخلية، وأتذكر ذات مرة أننا هزمنا الوحدة فتبرع لكل لاعب براديو كبير، ومبلغ مالي قدره مئتا ريال، وكان المبلغ في ذلك الوقت كبيرًا.
ولم يضع في باله تلك المنافسة بين الأهلي والاتحاد، وكان موقف جدًا ممتاز ونوع من الدعم الذي يقمه للأندية في ذلك الحين، وهو بصراحة الذي بدأ برعاية كرة القدم لدينا، وكان له الفضل بعد الله بأن نمارس كرة القدم بكل حرية بعد أن كان آباؤنا يرفضون تلك الفكرة، فالأمير عبدالله الفيصل، رحمه الله، هو من صنع الكرة السعودية، والذي قامت على أساسها النهضة الرياضية في المملكة، ولقد أخذ على نفسه العهد بذلك، وبالفعل قام بالرعاية خير قيام.
* والأمير فيصل بن فهد رحمه الله، ما هو الدور الذي قام به؟
ذلك الرجل، رحمه الله، ذو الشخصية الممتازة جدًا، نظّم وطوّر الكرة السعودية، فوصل بها إلى درجات كبيرة قاريًا وعالميًا، فبعد إنشاء الرئاسة العامة لرعاية الشباب، حققت المنتخبات والأندية السعودية في عهده الإنجازات والبطولات، منها الحصول على كأس آسيا 3 مرات، والوصول إلى كأس العالم لأول مرة عام 94 وغيرها.
*هل لعبت للمنتخب السعودي؟
نعم لعبت، كان ذلك في جانيفو بأندونيسيا، وأتذكر أن الأندونيسيين اشترطوا عدم مشاركة أي لاعب غير مسلم، ولما المسلمون شاركوا سموها جانيفو «ون»، وفاز علينا الفريق الأندونيسي 2-0 في النهائي.
* ما هي أصعب مباراة لعبتها؟
كانت ضد الاتفاق على ملعب الصائغ في الرياض، ضمن بطولة كأس الملك.
* ما هي المهام التي استلمتها في المجال الرياضي؟
لعبت الكرة وأصبحت حكمًا ومدربًا وإداريًا، وألفت 3 كتب (المرآة من الملاعب والحكم والتحكيم مع سعادة الدكتور أمين ساعاتي والكتاب الثالث قانون كرة القدم تحت المجهر، كما قدمت برنامج «قضايا رياضية» في القناة الأولى للتلفزيون السعودي، وأشرفت على القسم الرياضي بجريدة عكاظ في الثمانينات، ولدي العديد من المقالات الرياضية.
* كيف بدأ التحكيم هنا؟
يعود الفضل في بدء التحكيم في المملكة العربية السعودية، لصاحبي السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل وأخيه الأمير خالد الفيصل، وهما بحق من كتبا شهادة ميلاد الحكم السعودي.
*ما الموقف المحرج الذي تعرضت له خلال مسيرتك؟
كلفت بمباراة الهبوط والبقاء في الدوري الممتاز، مباراة فاصلة بين الوحدة من مكة والأنصار من المدينة، وكانت المباراة على ملعب الأنصار وهي الفاصلة، وكان يشرف المباراة الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز آنذاك ولم ألحق رحلتي في الوقت المحدد فغادرت في رحلة أخرى تصادف وجود للفريق الوحداوي برئاسة عبدالله العريف عليها، الذي أصر على أن أرافقهم إلى هناك، وبالفعل سافرت معهم إلى المدينة، وخسر الوحدة اللقاء.
وفي العودة كنت في غاية الحرج، لأني لم أجد سوى الرحلة العائدة إلى جدة برفقة الفريق الوحداوي، وأصر علي العريف على أن أعود معهم، ترددت كثيرًا، ولكن في النهاية وافقت، حتى أنه قال لي لم نكن نستحق الفوز، لذلك لم نفز.
أدرت اللقاء بكل أمانة وبكل حياد، ولم أضع في حسابي أنهم جاءوا بي إلى المدينة، لأني لن أتخلى عن أمانتي وخوف الله أضعه في حساباتي في كل لقاء أديره، ولا ألتفت للألوان أو الميول أو العلاقات الشخصية.
كلمة حق تريد أن تقولها؟
الأفندي واللنجاوي أعادا الاتحاد لأجواء البطولات بعد غياب طويل، وعشت مع أول بطولة اتحادية بعد سنوات من الغياب، كنت وقتها مديرًا للكرة وتحصلنا على كأس أصعب دوري بمشاركة جميع الأندية.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الرجاء تعطيل إضافة مانع الإعلانات حتى تواصل تصفح الموقع