المدينة | غياب الروح والانضباطية والقتالية أسقطت العميد
كتب – عبدالله فلاتة
خسر الاتحاد من الطائي وخرج من دور الـ32 لبطولة كأس الملك، وهي حالة نادرة لعميد الأندية السعودية، إن لم تكن الأولى في تاريخه، ولكن كل شيء وارد في عالم كرة القدم، حتى وإن كان من الطائي، وهو يقبع في مؤخرة ترتيب فرق الدرجة الأولى.
أما غير الطبيعي فهو تراجع مستويات الاتحاد الذي بدأ قويًا هذا الموسم.. فقبل الخسارة من الطائي شاهدنا مستوى متدنيًا أمام الخليج، وصحيح أن الاتحاد افتقد لمحترفيه الأجنبيين، المصري محمود كهربا، والتونسي أحمد العكايشي المشاركين في بطولة أمم إفريقيا، ولا شك أن لغيابهما تأثيرًا كبيرًا، وصحيح أيضًا أن الاتحاد افتقد أمام الطائي 8 لاعبين، إلا أن ما يجب أن يعترف به الاتحاديون أن تراجع المستوى ثم الخروج من كأس الملك، له أسباب عدّة، فما ميّز الاتحاد ومكّنه من تصدّر الدوري، قبل سحب الـ3 نقاط والتقهقر إلى المركز الرابع قسريًا، هو ميزته الأساسية هذا الموسم الانضباط التكتيكي، بالإضافة إلى الفوارق التي صنعها محترفوه الأربعة.
علمًا بأن هذه الانتقادات لا تنتقص من المجهودات المتواصلة لإدارة النادي وعملها الدؤوب وتحديها للظروف الصعبة، كما أن المدرب سييرا لا يزال يقدم عملًا جيدًا، ولا نريد أن نبخسه نجاحاته.
غياب الانضباط والروح
حالة الارتباك الفنية التي كان عليها الفريق الاتحادي أمام الطائي نعزوها إلى عدم الانضباط التكتيكي، فعدم الالتزام بالمراكز والتكتيك كان واضحًا في الأداء لذلك ظهر الاتحاد عشوائيًا، وهجماته تفتقد للخطورة الفعلية، أما في الدفاع فحدث ولا حرج، اندفاع غريب للأمام، وفلسفة للتعامل مع الكرات غير مقبولة من فريق ينافس على بطولة الدوري، ولعل هدفي الطائي يبرهنان على حالة عدم الانضباط التكتيكي والانفلات في أداء العناصر، فمحمد قاسم يحاور ويراوغ داخل منطقة الجزاء، ويمرر لعمر المزيعل الذي بدوره يواصل ما بدأه زميله بمراوغة عقيمة على طرف المنطقة، لتقطع الكرة وتمرر عرضية إلى خانة الظهير الأيسر دون أي تغطية من قاسم المتسمّر في منطقة الجزاء، وكأنَّ خانته الأساسية هي قلب الدفاع وليس الظهير الأيسر، فجاء الهدف الأول.
أما الهدف الثاني، بعد جملة اتّكالية بين اللاعبين، يظهر لنا جمال باجندوح في حالة سرحان وتوهان، يترك المنافس بجواره يسدد، وهو لاعب محور من مهامه الأساسية منع التسديدات وصنع ساتر أمام المدافعين.
الهدفان كانا ترجمة عملية لحالة عدم الانضباط التكتيكي، توقفنا عندهما ليس لأنهما هدفا المباراة ولكن لأنهما شاهدان على حالة الفوضى التكتيكية للفريق الاتحادي.
ومباراة الهلال مثال حيّ، فهي كانت أقوى عروض الفريق في الموسم، وكسبها الاتحاد بالانضباط التكتيكي، وهي أفضل حتى من مباراة الأهلي في كأس ولي العهد التي كسبها الاتحاد أيضًا 3-2، فسمة أداء العميد هذا الموسم كما أسلفنا الانضباط التكتيكي، ومتى غاب ستغيب معه الروح وتنتهي القتالية، فحتما سيهتز الأداء ويضعف الفريق.
حرمان الاتحاد من فهد
قرار الجهاز الطبي في المنتخب الوطني بعدم مشاركة فهد، يضع أكثر من علامة استفهام على كيفية إدارة الأمور في المنتخب الوطني، وعلى كيفية تعامل إدارة نادي الاتحاد مع الأحداث، فمن غير المنطق أن يُحرم الاتحاد من لاعبه، وتحدثنا سابقًا: إذا كان فهد المولد مصابًا فكان الأولى أن يبقى بمعسكر المنتخب ويتلقى العلاج، وهنا تكون مسؤولية مشاركته مرتبطة بالجهاز الطبي للمنتخب، أما طالما أعيد لناديه وأشرف على علاجه الجهاز الطبي بالنادي، فمشاركته في المباريات مسؤولية الجهاز الطبي الاتحادي، والسؤال هل الجهاز الطبي في المنتخب مختصون وفي الاتحاد حلاقون؟! وهل من المنطق أن يَمنح الاتحاد اللاعب رواتب لتكون مشاركته قرارًا من إدارة المنتخب وجهازها الطبي؟! ما حدث من الجهاز الطبي للمنتخب بعدم مشاركة فهد المولد مهزلة لا تحدث مع أي نادٍ آخر من الأندية الكبار، وعلى الإدارة الاتحادية أن تدرك جيدًا أن المثاليات ليس لها مكان في المحافظة على الحقوق، فواقعنا الكروي يؤكد أن الحقوق تُنتزع ولا تُكتسب، والشواهد عدة، وتابعنا كيف تعامل الأهلاويون مع إصابة تيسير الجاسم، وكيف تعامل الجهاز الطبي في المنتخب وهو يشرك تيسير مصابًا على حسب وصف البيانات الأهلاوية الصادرة آنذاك.
الاستهتار بالمباراة
لم يمنح الاتحاديون المباراة حقها، وكان المطلوب أن يغادر الفريق قبل المباراة بوقت كافٍ، ويخوض تدريبًا على أرض المباراة، ويعتاد اللاعبون على أجواء مدينة حائل الباردة هذه الأيام على عكس جدة الدافئة، وما حدث أن الاتحاد غادر ليلًا ووصل وسط احتفالية، ونزل الملعب وهو غير مهيأ فنيًا ولا نفسيًا فأصبح جاهزًا لتلقي الخسارة.
حارس مبتدئ
مع كامل الاحترام والتقدير لآراء الجهاز الفني، ومساعديه «الوطنيين»، علي العامري لا يمكن أن يمثل فريق الاتحاد الأول. نتفق على أن اللاعب صغير السن، ومن غير المعقول أن نقسو عليه، لكن كل من شاهده خلال المباراة وهو يسبح ببطء تجاه الكرات، ولا يجيد الأبجديات في الهدف الثاني (أخذ خطوة قبل الارتماء) يستغرب من المستوى الذي يقدمه الثنائي علاء رواس وحسن خليفة، والأول بالذات كونه مدرب الحراس، ومن غير المعقول أن يكون الاتحاد واقفًا على عسَّاف القرني، فهاني الناهض لا يختلف كثيرًا عن غيره، والمطلوب البحث عن حارس بديل يمكنه تأدية الدور المطلوب.
عبدالرحمن الغامدي
كنت من أشد الداعمين للاعب عبدالرحمن الغامدي للمهارات التي يمتلكها، ولقدراته التهديفية، إلا أن مستوياته الأخيرة تبرهن على عدم انضباطه وجديته في التدريبات، لذلك يظهر في أسوأ الحالات، كما أن الجهاز الفني يصرّ على إشراكه في الطرف، وهو مهاجم يتميز حين يلعب أمام المرمى، في كل الأحوال على عبدالرحمن الغامدي مراجعة حساباته جيدًا، كما أن المدرب سييرا الذي أشدنا به مرارًا وتكرارًا يُسأل في توظيفه لهذا اللاعب بالشكل المناسب، كما يُسأل عن استبعاده لبعض اللاعبين لفترات طويلة دون تهيئتهم للمباراة، كتمبكتي والعرياني الذي اعتمد عليه في مباراة أمس الأول دون أي تجهيز فني مسبق.
اتركوا النفخ
مشكلة أزلية في نادي الاتحاد، فالأخطاء ليست فنية وإدارية فقط، لكن هناك منهجية في الفريق، وسياسة نفخ في اللاعبين لا حدود لها، بمجرد أن يظهر اللاعب يجد المديح والثناء والإطراء وكأنه تحول إلى ميسي، ومن الطبيعي أن يتراجع مستواه.
قبل عدة سنوات حينما حقق الاتحاد كأس الملك، ظهرت عبارة «الهرماس»، حتى حينما أخطأ اللاعبون وتركوا المعسكر واتجهوا للفسحة والسفر خارج المملكة في وسط المنافسات، كان لنا نقد هنا في المدينة، فجاء الرد الفوري المدافع والمنافح عن اللاعبين، وكانت المحصلة في الموسم التالي أن الفريق نافس على الهبوط.. محصلة الكلام أن المبالغة في الثناء مردودها سلبي، فالأنصاري تحول إلى سقراط وبات يهتم باللمسة الاستعراضية أكثر من الأداء الجاد، علمًا أنه لاعب متمكن وإضافة فعلية للفريق الاتحادي، ويكفي ما قاله بعد المباراة من كلمة فيها كل المفيد: سنقاتل على البطولتين المتبقيتين، وضعوا تحتها 100 خط، فهي تدلّ على وعي اللاعب ومحاسبته لذاته.
وليس الأنصاري وحده فهناك عدة أسماء أجادت وتراجعت بسبب المبالغة في المديح خاصة اللاعبين الصغار.