أخبار الاتحاد

صحيفة النادي | الجنرال .. بيتوركا متشدد بخطط هجومية فريدة

هاشم الخدري | جدة

نجحت إدارة الاتحاد أخيراً في التعاقد مع أحد أهم الأسماء التدريبية في القارة العجوز بعد انقضاء أكثر من شهر ونصف على آخر مرة كان الاتحاد فيها بمدرب، رئيس النادي إبراهيم البلوي أوفى بوعوده واقتنص اسماً مُهماً وله شعبية جارفة على الصعيد الأوروبي، وهو الروماني فيكتور بيتوركا، المُدرب الاتحادي الجديد الذي سيكون على مواعيد وأحداث ساخنة وسط مُطالبة اتحادية بالحفاظ بصدارة الدوري والعودة لتحقيق البطولات.
المدرب يثق كثيراً بقدراته وقدرات طاقمه الفني الذي جلبه معه بالكامل في تحقيق رغبات (الثمانيني الوقور) في قفزة نوعية في الرياضة المحلية، ومن أهم الأمور التي يعتمد عليها المدرب هي التكنولوجيا الحديثة في تحليل و تطوير أداء اللاعبين مما يضيف طابع الاحترافية على هذا الطاقم. وصاحب الـ 58 عاماً تظهر عليه علامات الواقعية في اللعب وعدم التهور واتخاذ قرارات ما من شأنها أن تُرضي جمالية كُرة القدم على حساب الثلاث نقاط، وإحدى مميزاته عدم مُجاملة اللاعبين، فمن يخدم استراتيجية الفريق في المباراة ويقدم أداءات عالية في التمارين, فإن قائمة الـ 11 رجلاً تُرحب به بشدة ومن لا ينطبق عليه ذلك, فيفضل المدرب ابقاءه على الدكة بغض النظر عن نجوميته، وهذا يعيدنا بالذاكرة لأحد أهم أحداث بيتوركا في تاريخه التدريبي مع اللاعب الأسطورة جورجي حاجي.

أسلوبه هجومي و الهجوم يبدأ من المنتصف
يقيس المدرب الروماني أولاً الفروق بينه وبين خصمه ويقارن أسلوبه المُعتاد واحتمالية نجاحه في المباراة مع أسلوب الخصم واحتمالية نجاحه، إذا تفوق بيتوركا, فإنه يلجأ بشكل مُباشر لاستخدام أسلوب السيطرة الميدانية مع البدء بخط دفاع عال والعمل على بناء وتنفيذ الهجمات في قسم الخصم.
خط الدفاع:
يجب أن يمتلك ظهيرين يُجيدان الصعود باستمرار وتنشيط الفريق على أطراف الملعب باستخدام العرضيات المُتقنة والمُراوغات الفردية، مما يُعطينا إشارة واضحة بأن الأسماء المفضلة له منذ البداية, ستكون صالح القميزي ومحمد قاسم، لا يعتمد بيتوركا كثيراً على قدرات ثنائي قلبي الدفاع في بناء الهجمة، بل إنه يطلب منهم باستمرار اللعب بشكل آمن وإعطاء تمريرات مُباشرة لأقرب اللاعبين دون محاولة خوض منافسة مهارية مع لاعبي الخصم، وعلى المستوى الهجومي يركز أن يكونا متميزين في الركلات الهوائية بالرأس، وأقرب الأسماء له للانطلاق هم: أحمد عسيري و طلال العبسي، وبدرجة أقل محمد الدميري، الذي قد لا يجد مكاناً, ضمن التشكيلة الأساسية، وربما يُفضل المدرب الاستغناء عنه مُقابل مُحترف في الربع الثالث من الملعب لصناعة الألعاب.
محور الدفاع:
يثق بيتوركا بشكل كبير في محوري الارتكاز, حيث إنه يلعب دائماً بتشكيلة 4-2-3-1 ويحبذ تواجد محورين يجيدان افتكاك الكرات وإعادة إرسالها للأمام دون اعطائهم واجبات دائمة بالتقدم واستغلال الثغرات في دفاع الخصم، وثنائية بينتلي وهوبان في المُنتخب قد تتكرر بوجود باجندوح ودياكيتي أمام الدفاع، لإجادة هذا الثنائي التمركز وجودة دفاعية عالية, إضافة لقدرتهم على بناء الهجمات من الخلف، إذ إن بناء الهجمة يبدأ من محوري الارتكاز، فالكرات تذهب إليهم ويعيدون توجيهها لأحد الخيارين التاليين لإعطاء كُرة طويلة للظهير الذي يتحرك في المساحة أو إرسالها لصانع الألعاب والجناحين لاستخدام مهاراتهما في الوصول للصندوق. في الغالب سيجد بيتوركا نفسه مُجبراً على اللعب بالأظهرة في ظل وجود رقابة من الدفاع على لاعبي الأجنحة، وفي هذه الحالة سيبدأ بعرض تكتيكه الآخر، وفي حال تقييد الجناحين من قبل أظهرة الخصم، فإن التكتيك سيُشبه لحد كبير تكتيك ارسين فينغر مُدرب الأرسنال يعطي حُرية للفريق وشيئاً من الأفضلية على طرفي الملعب، لأنه يوهم الخصم بأنه يبحث عن الزيادة العددية مع رأس الحربة وهنا يُدخل أحد أجنحته مع المُهاجم, الذي في الغالب سيكون يا كونان، فإذا تحرك أحد الأجنحة للعمق, فإن هذا سيشكل حالة 2×2 وهنا سيجد الخصم نفسه مُضطراً لإعادة ترتيب أوراقه وهذه الأفضلية قد تٌعطي بيتوركا فُرصة حقيقية للتسجيل والذهاب بعيداً بالنتيجة، ردة فعل الخصم تكون بإقحام الظهير المُتخصص في مراقبة الجناح الذي توغل للعمق دون كرة ، وفي هذه اللحظة بالتحديد سنجد أن طرف الملعب قد أصبح فارغاً من الجناح ومن ظهير الخصم، وهذا ما يعطي ظهير الاتحاد فرصة ذهبية للتقدم وإعطاء تمريرة حاسمة بطريقة عرضية، وعلى سبيل الدقة, فإن هذا التكتيك سجل منه بيتوركا ضد المجر قبل بضعة أسابيع فقط.
الهجوم:
لا يجد بيتوركا نفسه مثل باقي المُدربين الذين يُفضلون اللعب بشكل مباشر وسرعة كبيرة في بناء الهجمة وفي انهائها، بل يفضل دائماً أن يلعب برتم منخفض, ليحافظ على لياقة اللاعبين قبل نهاية شوط المباراة، فالتسجيل في بداية ونهاية كل شوط يعطي الفريق أفضلية معنوية على الفريق الآخر، والرتم سريع يُجبر الفريق على اللعب بالفرص المُتاحة وعدم إعطاء المجال لصناعة فُرص أو لتحرير مساحة، وبالنظر لأسلوب بيتوركا, فإن بناء الهجمة والرتم البطيئ تكتيكان مُناسبان لإستراتيجيته, فهو يفضل أن يصنع الهجمة وينفذها عن طريق جودة لاعبيه الذين يتمركزون بعمق خلف المهاجم – أقصد بالتحديد الجناحين وصانع الألعاب – مفتاح بيتوركا هجومياً في ظل عدم اعتماده على رأس الحربة بشكل كُلي وعلى وضعيته المثالية. ” ثلاثي الحسم ” والذين سيكونون بنسبة كبيرة البرازيلي ماركينهو وعبد الفتاح عسيري مع الدخول في مفاضلة بين نور وفهد المولد حول من سيلعب في الجناح الأيمن حسب ظروف المباراة، سيكون عليهم الدور الأكبر في صناعة الفارق.
يعتاد الروماني دائماً على ثلاثي الحسم في المنتخب الروماني والذي يُركز بشدة على أن يكون لثلاثتهم قدرات عالية على المُراوغة وإعطاء التمريرات الحاسمة، ولأن ثلاثي الحسم سيلعب في مناطق ضيقة جداً خلف المُهاجم, فإننا نجد أن بيتوركا يسعى بشكل دائم لإيصال الكُرة للصندوق, عوضاً عن مُحاولة إنهاء الأمور من خلال تسديدة من بعيد، بالطبع سيكون هناك بعض الاستثناءات في بعض المواقف لبعض اللاعبين الذين يجيدون التسديد، لكن بالنظر لأغلب المباريات بإستثناء المباراة الأخيرة أمام فنلندا, فنجد أن التسديد وإنهاء الهجمة بشكل مُبكر غير دارجة في قاموس المدرب، بل إنه يُفضل أن يعمل الفريق من خلال التمريرات القصيرة والمراوغة الفردية للوصول للصندوق وإنهاء الهجمة.
حلول للهجوم:
الحلول البديلة لتكتيكات بيتوركا هجومياً لم تظهر كثيراً على عكس مباراة المجر، حيث اضطر لإجراء تبديل على النواحي الدفاعية بسبب الإصابة وإشراك ظهير دفاعي، مما دفعه لتغيير تكتيكه في الجهة اليمنى, حيث وضع الجناح الأيمن سانمارتين في أقصى اليمين وهذا شيء غير مألوف على بيتوركا بأن يلعب بأجنحة بعيدة ! هذا التغيير وضح في عدة مناسبات أخرى، فمن ميزات هذا المدرب أنه يقرأ تغييرات المباراة بشكل دقيق ولديه ردة فعل ممتازة وسريعة وهذه خاصية يشترك بها كل المُدربين الكبار, أمثال فيرغيسون وغوارديولا ومورينهو، وردة فعل بيتوركا أتت بعدما علم أن إستراتيجيته الأساسية لا تعطي الصلاحيات الهجومية للاعب المحور هوبان, مما سيدفعه حينها لخسارة المساحة بين صانع الألعاب والجناح الأيمن الذي أصبح بعيداً عن العمق، وهنا ظهر تكتيكه البديل بتحرك صانع الألعاب لتلك المساحة وجعله ينتظر الكرات خلف المدافعين, ليعكسها بشكل عرضي داخل الصندوق لرأس الحربة، وهو تكتيك ذكي جداً يستخدمه مدرب آخر ألا وهو بيليجريني مدرب السيتي الإنجليزي باستخدام سيلفا بالتحرك واستلام الكرة داخل الصندوق خلف الدفاعات.
من الأمور الفنية للمدرب أنه لا يعتمد على مرونة كبيرة في تشكيلته بقدر اعتماده على التشدد في تطبيقها فـ 4-2-3-1 ** بالنسبة له ثابتة وليست مرنة، فكل لاعب مُلزم ببعض المساحات والادوار وعليه تطبيقها وعدم الخروج عن السيناريو التكتيكي واعطاء اللاعبين الفرصة للتحرك في أماكن مختلفة من الملعب بُغية تغيير التشكيلة، لنوضح ذلك سنأخذ انشيلوتي مُدرب الريال في الموسم الماضي, حيث كان يعتمد بمرونة كبيرة في التشكيلة تمكنه من الانتقال من 4-3-3 إلى 4-4-2 فقط، بجعل المحور الأيسر دي ماريا ينتقل للجناح ويحرك كريستيانو للعمق أكثر، بيتوركا لا يستصيغ هذه الأمور لأنه كما نرى, فإن المدرب الروماني يفضل الثبات على طريقة وتشكيلة واحدة حتى ترسخ في أذهان اللاعبين بشكل أسرع وربما تأتي المرونة في وقت لاحق.
نقطة سسلبية:
هناك بعض السلبيات حيال أسلوبه الهجومي, الذي يختص بإعطاء الكرة المُرتدة حقها من اللعبة، ففي أغلب الدقائق التي تحول فيها المنتخب الروماني للوضعية الدفاعية كانت تأتيه بعض الفرص لتشكيلة هجمة مُرتدة فعالة، لكن كان واضحاً أن الفريق لا يطبق هذه الاستراتيجية في التدريبات بسبب أن المحاور الأساسية في الكرة المُرتدة وهي السرعة والتشتيت والانهاء كانت غير موجودة اطلاقاً وباءت اغلب المُرتدات بالفشل، وهذا ما يعطي المدرب بعض الفرص للعمل على الهجمات المُرتدة في ظل تفوق لاعبي الاتحاد بها.
* اسلوبه دفاعياً :
يُرحب المدرب بشكل مُستمر باللجوء للدفاع ولا يعتبه عيباً عكس بعض المُدربين المُندفعين للهجوم والذين يعتقدون بأن الدفاع ليس اسلوباً للكبار. بيتوركا مُهتم جداً بالتنظيم الدفاعي العالي ومن المُتوقع ان يركز تدريباته الاولية على ضبط الدفاع وضبط العقلية الدفاعية للاعبين الاتحاد في المُباريات الاولى والاعتماد على فرديات المهاجمين و صانعي الالعاب في تحقيق الثلاث نقاط .
نظام بيتوركا الدفاعي في مباراة اليونان كاد يخلو من الاخطاء في الشوط الأول وهذا مؤشر رائع جداً على عمل المدرب، فرؤيته أن الدفاع هو عبارة عن ردة فعل وليس فعلاً ! فعندما يُهاجم الخصم من اليسار نجد ان كُل الفريق يتحرك بشكل مُنظم ككتلة واحدة مُنسجمة لتعطيل تلك الجهة، وما يفعله بيتوركا هو توزيع الجهد الدفاعي على الفريق بالكامل أينما تواجد الخصم، وليس كما يفعل بعض المُدربين بتعزيز منطقة واحدة في الدفاع وترك البقية .
امر اخر يلجئ اليه بيتوركا دائماً وهو لا دفاع قبل المُنتصف اذ لم نكن متأخرين بالنتيجة ! على الرغم من ان المُنتخب الروماني كان السّباق في آخر مُبارياته بالتسجيل، إلا أن مُجرد تعادله والذي كاد أن يسبب بعض المشاكل له في مباراة المجر جعله يدفع بفريقه هجومياً ومحاولة استعادة الكرة من قسم الخصم، بيتوركا في الغالب يعزز دفاعه بجعل جميع اللاعبين في قسمه، ويحاول أن يفتك الكرة في قسمه الخاص، ولكنه يتحرك بإستمرار تجاه الخصم لمنعه من التمرير واجباره في حال مرر أن تكون تمريرته خاطئة مما يجعل فريقه يستفيد من هذه التمريرة، حيث أنه يوزع لاعبيه في مسارات التمرير الخاصة بحامل الكرة مما يُصعب عليه مهمة اخراج الكرة للمرحلة التالية وإن خرجت لن يكون هناك وقت كافي لمحاولة السيطرة عليها فيجبر الخصم مجدداً على التراجع.
بيتوركا يعتمد على الضغط في الغالب كما أسلفنا اضافة لإغلاق مسار التمرير على الخصم وكذلك يظهر جلياً لنا في أغلب المباريات اعتماده على تكتيك متطور دفاعياً وهو ( المُنحنيات الدفاعية) والتي تٌعطي فعالية كبيرة امام الخصوم الذين يركزون على الهجمات من طرفي الملعب، حيث يقوم تكتيك المُنحنيات الدفاعية بتشكيل مُنحنى يعزل لاعبي الطرف عن العمق، فإذا عُزل الخصم ولم يجد لديه مسار للتمرير وخط التماس الذي يشير لنهاية الملعب خلفه فأنه يتسرع لمحاولة للمُراوغة بثلاثة لاعبين ! وبالغالب تكون هذه المحاولة فاشلةن هذا التكتيك قدمه الإيطالي ساكي في فترته مع ميلان وطوره بشكل كبير الألماني يورجان كلوب مدرب بوروسيا دورتموند.
ومما يظهر بشكل مُستمر حول الدفاع هو محاولة الفريق على عدم اقتراف الاخطاء القانونية في محاولة استعادة الكرة، مما ينتج عنه دائماً عدم افتكاك الكرة بشكل قوي أو محاولة منازعة الخصم جسدياً.
هذا التكتيك الدفاعي يعطي الفريق استرخاءً أكبر ولا يشحن الفريق بشكل سلبي في محاولاته الدائمة لاستعادة الكرة.
توقعات أولية:
• التشكيلة المتوقعة في حال توفرت كل الأسماء منذ البداية ستكون : 4-2-3-1 :
فواز القرني – صالح القميزي – أحمد عسيري – طلال العبسي – محمد قاسم – سامبا دياكيتي – جمال باجندوح – ( نور / فهد ) – ماركينهو – عبد الفتاح عسيري – ديديه يا كونان.
• من غير المُرجح تسجيل نجاحات كبيرة على المُستوى القريب ولكن بالتأكيد سيكون هناك أمور أجمل على المُستوى البعيد .
• سيُضاف طابع الالتزام والتشدد والانضباطية العالية في تمارين نادي الاتحاد.

غالب دلاك

الذي عشق الأصفر والأسود منذ الطفولة ( وكان"وما زال"وسيظل ) مخلصا شامخا كالجبل الشامخ كأي اتحادي .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الرجاء تعطيل إضافة مانع الإعلانات حتى تواصل تصفح الموقع