أخبار الصحف السعودية

المدينه | غرفة اللاسلكي.. كلمة السر في العمادة والرئاسة

زكت جمعية نادي الاتحاد العمومية يوم الثلاثاء الماضي أنمار الحائلي رئيسًا للنادي، ليصبح الرئيس التاسع والثلاثين على مدى تاريخ عميد الأندية، وبهذه المناسبة نعود سنوات للوراء، لنتذكر أول رئيس تولى رئاسة نادي الاتحاد أنه السيد علي هاشم سلطان.

حين نتحدث عن علي هاشم سلطان فإننا لا نتحدث فقط عن رائد من رواد الرياضة السعودية ولا نتحدث عن أول رئيس مجلس إدارة لأقدم نادٍ سعودي وعميد الأندية نادي الاتحاد فحسب، بل نحن نبحث بسيرة رجل دولة من أسرة كانت ولا زلت تخدم المجتمع والبلاد منذ القدم.

علي هاشم سلطان هو حفيد السيد سلطان بن هاشم داغستاني الذي كان ناظرًا لعين زبيدة في عهد أمير مكة الشريف عون كما ورد في كتاب نشر النور والزهر في تراجم أفاضل مكة وهو أيضًا كان مجازًا في الإفتاء للمذهب الشافعي بالمسجد الحرام.

آل الداغستاني

آل الداغستاني هم من آل هاشم الذين نزحوا إلى داغستان ثم عادوا إلى مكة المكرمة «السير والتراجم، عمر عبدالجبار».

وقد ولد علي هاشم سلطان ونشأ بمكة المكرمة في كنف والده هاشم سلطان أحد أعيان جدة ورئيس الدائرة المالية بجدة ثم وكيل المجلس المالي وممثل الحكومة السعودية في الأحساء لدى شركة الزيت الأمريكية التي اكتشفت أول بئر نفط، بئر الدمام رقم 7 «بئر الخير».

في عام 1337هـ افتتح بجدة أول مركز لاسلكي ، ومع دخول الملك عبدالعزيز اهتم كثيرًا بمديرية البرق والبريد واللاسلكي بالحجاز، وقد كان علي هاشم سلطان محبًا لهذا المجال وفي غرة عام 1347هـ حصل علي هاشم سلطان -رحمه الله- على الثقة الملكية بتعيينه مديرًا للبرق والبريد واللاسلكي بجدة، واستمر بهذا المنصب حتى عام 1351هـ، وخلال الفترة من رجب 1346هـ حتى بداية 1347هـ وما إن استقرت الحجاز في العهد السعودي الزاهر حتى بدأت لعبة كرة القدم تتطور وتأخذ شكلها الحديث فظهرت الأندية الجاوية في أواخر 1344هـ وبدأ الشباب السعودي ينخرط في بعض الفرق الأجنبية للجاليات المقيمة كان أول هؤلاء هو الشاب الحجازي حسن عبدالقادر بن هاشم سلطان (ابن عم علي سلطان) الذي شارك لفترة بسيطة جدًا في أحد الفرق الجاوية بمكة، وهذا يوضح أن عائلة آل سلطان كانت دائمًا قاسمًا مشتركًا في نشأة وتطور الرياضة السعودية وهو ما سنلاحظه أيضًا في علي سلطان وأشقائه.

تأسيس الاتحاد واختيار أول رئيس

في بداية 1346هـ وفي ظل سيطرة الجاويين والأجانب على كرة القدم ظهر في جدة أول نادٍ للمواطنين في منطقة الحجاز، وهو نادي الحجاز الرياضي برئاسة محمد رضا ولخلاف معيَّن قرر جزء من لاعبي نادي الحجاز أن ينفصلوا ويأسسوا ناديًا جديدًا وذلك في رجب 1346هـ، واجتمعوا عدة اجتماعات بجانب غرفة اللاسلكي التي كانت بجوار مقبرة أمنا حواء ليضعوا أسس ناديهم الجديد فتم اختيار اسم (الاتحاد) مستلهمين ذلك من اتحادهم ومن فكرة ان هذا النادي سيكون للجميع ومنذ اجتماع التأسيس الأول ظل الاتحاديون يعملون طوال الستة أشهر اللاحقة على استكمال تأسيس ناديهم فقاموا بتكوين مجلس الإدارة وبحكم أن الاجتماعات كانت تتم بجانب اللاسلكي تقرر أن يختار علي هاشم سلطان مدير البرق والبريد واللاسلكي بجدة رئيسًا للنادي بحكم خبرته الإدارية، ثم قام الرئيس باختيار مجلس إدارته وتوزيع المهام فاختير صالح سلامة مدربًا للفريق بسبب خبرتها لكبيرة من رحلاته المتكررة للهند.

اختيار شعار الاتحاد

تم اختيار شعار نادي الاتحاد بعد تواصل إسماعيل زهران مع المهندس إبراهيم حموده (الذي كان يعمل في صيانة خط السلك البحري بين جدة وبورتسودان) ، وبعد بحث مضنٍ أحضر طقمًا وشعار للفريق من السودان التي كانت مع مصر بمثابة منارة لكرة القدم العربية، وكان الشعار الذي أحضره هو الأصفر والأسود المخطط طوليًا ليكون هذا الشعار ليس فقط شعارًا يرتديه اللاعبون بل كان بمثابة انعكاس لقصة الاتحاد ومستقبله ما بين الذهب والإنجازات والأزمات والظروف القاسية، وبعد هذه الفترة الطويلة من التجهيز اكتملت أركان هذا الفريق رئيسًا ومجلس إدارة ولاعبين ومدربًا وشعارًا ليبدأ الاتحاد تمارينه.

فكرة ملهمة للآخرين

الحقيقة أن كافة الاندية استلهمت تأسيسها من نشأة الاتحاد، حيث كانت تتبع نهج الاتحاد في النشأة والتأسيس فأقدم الأندية المكية السعودية تأسيسًا وهو أهلي مكة المتأسس 1349هـ كان ايضًا له رئيس وإدارة وشعار والأمر نفسه ينطبق على الهلال البحري بجدة الذي تأسس بعد الاتحاد واقتفى أثره.

خلال فترة رئاسة السيد علي سلطان لنادي الاتحاد اكتمل تأسيس الاتحاد ولعب أول مبارياته ضد المنتخب الجاوي وحقق الاتحاد أول انتصار بتاريخه، وتم في عهد السيد علي سلطان أن أدخل الاتحاد نظام التذاكر لحضور مبارياته عبر إعلان نشر بتاريخ 3 محرم 1351هـ بصحيفة صوت الحجاز كأول نادٍ يتخذ هذه الخطوة ولم يترك علي سلطان نادي الاتحاد إلا وهو أقوى الفرق الحجازية كما نشرت صحيفة صوت الحجاز في عددها (2) بتاريخ الاثنين 5 ذي الحجة 1350هـ تعليقًا على مباراة ودية بين الاتحاد والفلاح وجاء في التعليق على المباراة: «أما الاتحاد وهو أقوى الفرق الحجازية لأن فيه من اللاعبين من مارس الألعاب الرياضية في السودان ومصر….».

الاتحاد يقضي على الحجاز

مع كل هذه الأحداث وجد الحجاز الرياضي نفسه مجبرًا لمواجهة هذا المارد الاتحادي الذي ذاع صيته وفعلًا حدث اللقاء المنتظر في 14 محرم 1351هـ وتواجه الفريقان ونجح الاتحاد في الفوز بالمباراة، 3-0 وكانت هذه بمثابة الضربة القاضية للحجاز الرياضي ومعها انتصر الاتحاد ليس فقط بالملعب بل انتصر لفكرته ومبدأه الذي بسببه نشأ، ولاحقًا اندثر الحجاز الرياضي وانضم لاعبوه للاتحاد ليصبح بذلك الاتحاد هو العميد الأوحد للأندية السعودية حتى يومنا هذا.

علي سلطان يترك الرئاسة

في منتصف عام 1351هـ صدر قرار تعيين علي سلطان مديرًا للبرق والبريد بمكة المكرمة، ومع هذه المهمة الوطنية الجديدة ترك علي سلطان رئاسة أقدم نادٍ سعودي، وفي عام 1354هـ انتقل علي سلطان للعمل مع والده هاشم سلطان إلى المنطقة الشرقية الذي كان ممثل الحكومة السعودية في الأحساء لدى شركة الزيت الأمريكية وهناك تم اكتشاف أول بئر نفط، بئر الدمام رقم 7 «بئر الخير»، وعاد علي سلطان إلى جدة بعد تعيينه رئيسًا لكتاب المالية في عام 1357هـ ، وفي بداية الستينيات الهجرية شارك علي سلطان بتأسيس مكتب المعادن والشركات كان نواة المديرية العامة لشؤون البترول والمعادن ومن ثم وزارة البترول والثروة المعدنية.

علاقة لم تنقطع

رغم كل مشاغل علي سلطان فقد عاوده الحنين لناديه العريق الذي كان هو أول رئيس له فكان دائم الاتصال بالنادي وأعضائه واللاعبين فإذا لعب الاتحاد كان يحضر مبارياته، ويقول ابنه عبدالله سلطان أتذكر هنا مباراة مع نادي الهلال البحري طلبت منه حضور المباراة ،فأذن لي وأعطاني ثمن التذكرة وعند انتهاء المباراة فوجئت بحضوره ليس في الملعب ولكن جالسًا فوق سطح اسيارته من وراء (التيازير)، وكانت النتيجة لصالح الاتحاد فكان فرحًا وطلب مني الركوب معه وكانت المكافأة بأن عمل عشاءً وأحضر فيلمًا سينمائيًا لمشاهدته مع أصدقائه، وكان بين الحين والآخر يقيم (عزومة) لأعضاء النادي ولاعبيه في منزلنا وطبعًا كان يعرض فيها فيلمًا سينمائيًا وأذكر بعض الشخصيات لمشجعي النادي التي كانت تربطه بهم صداقة وهم من أركان النادي ، و منهم السادة المرازقة وعلي فكهاني والعم حسن آبار والعم معتوق قنديل والعم محمد إبراهيم سلطان رحم الله من توفى منهم وأطال في أعمار الباقيين، وكنت بحكم سني أفرح بفوز النادي لأنه سيدخل السرور لقلب والدي و لأني بعدها سحصل على مكافأة منه، وعندما كنت أريد الذهاب للمباراة في ملعب الصبان يزودني بالنقود ويقول لي إذا فاز الاتحاد بشرني وكنت أجده عند المنزل مترقبًا قدومي ليستطلع الخبر عن النتيجة.

وتابع عبدالله،غرس فينا حب الرياضة بدون تعصب وقد توارثنا هذه الخصلة عنه جيلًا بعد جيل، وأتذكر موقفًا حصل في هذا الشأن فبعد حضور والدي لمباراة بين الاتحاد والوحدة في شعبان من عام 1370هـ انتهت المباراة بفوز الاتحاد واحتفل الاتحاديون بالفوز وحصل هناك مشادات فغضب والدي (علي سلطان) حقًا عندما علم بأن هناك اشتباكًا حصل ما بين الجمهور ويقول هؤلاء أهل وإخوان فلا يجوز أن تصل المنافسة لهذه الدرجة.

وفاة علي سلطان

توفي علي سلطان رحمه الله سنة 1374هـ، وهو على رأس العمل (ممثل مالي) وترك ذكراه وحب الاتحاد بمعناه السامي والرياضة بمعناها ومبادئها الصحيحة.

ويشاء الله وامتدادًا له أن أخاه غازي هاشم سلطان قد تولى رئاسة النادي في سنة 1388هـ حتى 1390هـ، وأيضًا أخوه حسن هاشم سلطان درب المنتخب السعودي والهلال بالرياض والوحدة والاتفاق وغيرهم، كما ألتحق عبدالله ابن علي سلطان بنادي الثغر في الأشبال وبعدها تحول لنادي الاتحاد ومارس كرة السلة وتولى مدير الألعاب المختلفة في النادي عند نشأة الألعاب المختلفة، وتعاقبت الأجيال ومن أحفاد علي سلطان ومنهم أحمد إبراهيم سلطان الذي تحصل على بطولة الناشئين للشباب في الكاراتيه وبطولة المملكة مرتين كما حقق محمد سلطان بطولة الغربية للناشئين وما زالوا يؤدون رسالتهم نحو ناديهم وبلدهم.

رحم الله علي سلطان والرجال الذين وضعوا اللبنات الأولى في صرح الرياضة وعلى الأجيال القادمة تكملة المسيرة على ذات الأسس والمفاهيم والأخلاق السامية.

​إعداد المؤرخ عبدالإله النجيمي أمين عام مركز التوثيق والمعلومات بنادي الاتحاد​

عبدالله صالح

للإتحاد أجتمعنا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الرجاء تعطيل إضافة مانع الإعلانات حتى تواصل تصفح الموقع