قسم التقارير والتحقيقات

بين التمزقات والشدود .. قلة ثقافة أم ضعف مردود ؟

الخبراء بالإجماع: ضعف اللياقة سبب الأوجاع

إعداد: يزيد الحارثي – أحمد الجهني
تدقيق : عبدالسلام الانصاري

لطالما شكّلت الإصابات الرياضية عموماً والعضلية خصوصاً أرَقاً كبيراً للرياضيين،
لاسيما مداعبي الساحرة المستديرة، ولعل اختلاف سبل الوقاية والعلاج لتلك الإصابات بات الشغل الشاغل لكثير من اللاعبين، وسط تساؤلات تترى عن الحلول المثلى لتلافيها، أو استعادة العافية منها سريعاً وضمان عدم مراودتها لهم مجدداً.
ولعل أبرز ما اتفق عليه غالبية المختصين بهذا الجانب أو المحيطين به علماً هو: ضعف الإعداد البدني وسوء الأنظمة الغذائية المتبعة، ناهيك عن غياب الإنضباطية في الروتين اليومي كالنوم المبكر، وهو ما عزاه الخبراء إلى ضعف الثقافة الإحترافية لدى مجمل لاعبينا، بما فيهم بعض الأجانب القادمين إلى دورينا، لتأثر بعضهم بالبيئة الإجتماعية المحيطة بهم في بلادنا.
فمنذ انطلاقة الموسم الرياضي الجاري، اتضح جلياً ما أشار إليه المختصون، فقد شهدت أعداد ضحايا الإصابات العضلية ارتفاعاً ملحوظاً وغير مسبوق، على مستوى بداية المنافسات الرياضية في المواسم المنصرمة، وهو ما نرمي لإيضاح مسبباته من خلال هذا التحقيق الذي نستضيف فيه نخبة من المختصين ..

• العجمي: العلاقة طردية
الحكم السابق والمدرب اللياقي الحالي (عبدالله العجمي) ذكر بأن “العلاقة بين الضعف اللياقي والإصابات العضلية تعتبر علاقة طردية، وتتأثر كل منها بضعف الأخرى، فأي مجهود يبذل ويكون فوق قدرة تحمل العضلة قد يتسبب في ضعفها وإصابتها”.
وأضاف: “للطقس دور هام في لياقة الرياضيين النفسية والتنفسية، لما قد يصيب اللاعب من إجهاد للعضلات، خاصة في الأجواء الحارة، إذ أكّد الاتحاد الدولي لكرة القدم على ضرورة التوقف أثناء المباريات، في حال ارتفاع درجة الحرارة لشرب الماء”.
واختتم العجمي حديثه بتأكيده على أن: “اللياقة البدنية والتنفسية تختلف من لاعب إلى آخر، وباختلاف الظروف التي يواجهونها، ولكن من أهم العوامل المساعدة لرفع المعدل اللياقي هي الإعداد البدني والنفسي المناسب، والأهم من هذا كله هو البعد عن العادات السيئة والمؤثرة لياقياً، كالسهر والتدخين والنظام الغذائي الغير صحي، والذي من الممكن أن يفيدكم فيه (خبراء التغذية)”.

• قاري: التوازن مطلوب
الدكتورة (أميمة قاري) -رئيسة قسم التغذية بمستشفى الدكتور سليمان فقيه- كشفت بدورها أن: “التغذية الصحية المتوازنة والصحيحة من حيث السعرات الحرارية وفق الجهد البدني المبذول في التدريب والفعاليات البدنية كافة تجعل استخدام الطاقة أفضل في كافة النشاطات اليومية الأخرى، فالغذاء الذي نتناوله يمد أجسامنا بالطاقة للأعمال اليومية الحياتية، وتعد التغذية المتوازنة والمتكاملة أساساّ في بناء رفع التحمل العضلي وتحسين الآداء الرياضي للمستويات الرياضية الجيدة والمتميزة، فالتغذية السليمة تؤدي إلى رفع المستوى البدني، أما التغذية الخاطئة تؤدي إلى اضطرابات في الصحة العامة
مايؤدي إلى انخفاض مستوى الآداء والتعب والأمراض كذلك”.
وأضافت: “التغذية المتوازنة تحافظ الآداء الرياضي وتحسنه، فالتوازن بين المغذيات الكبرى كالبروتين والدهون والكربوهيدرات والماء أمر أساسي لتحقيق الهدف من التمرين، سواء لتحقيق لياقة أعلى، كزيادة التحمل العضلي، أو بناء كتلة عضلية أكبر،
أو تخفيف الوزن، بالتالي تتحقق جميع الأهداف التي ذكرتها بزيادة كتلة العضلات في الجسم.
وأثبتت الدراسات أن بناء كتلة العضلات يتم عندما يكون توازن البروتين الصافي إيجابياً -أي أن نسبة تخليق البروتين العضلي يكون أكبر من المفقود من انهيار بروتين العضلات الذي يحصل بشكل طبيعي من شدة التمرين- بالإضافة إلى ذلك؛ فقد ثبت أيضاً أن كتلة العضلات تزداد بمرور الوقت عندما يتم الجمع بين تمارين المقاومة (مثل رفع الأثقال، وتمارين وزن الجسم، … إلخ) مع تناول العناصر الغذائية، فلا بد من زيادة نسبة البروتين بشكل مدروس بحيث يكون [30٪] وقد يصل إلى [35%] من مجموع السعرات اليومية أو [1.2–1.7]جرام بروتين لكل كيلو جرام من وزن الجسم، كذلك نأخذ بعين الإعتبار التوازن في المغذيات الصغرى، كالأملاح المعدنية والفيتامينات، بحيث أن أي نقص أو اختلال في التوازن قد يؤدي إلى الجفاف أو التعب أو عدم القدرة على أداء التمرين بشكل جيد”.
وشددت قاري في ختام حديثها على: “ضرورة التقليل من المواد المصنعة والغنية بالمواد الحافظة والألوان المصنعة والمواد الكيميائية، أو التي تعرضت لمبيدات الآفات، والمعلبات والدهون المهدرجة والأغذية الغير مفيدة الغنية بالسكر سواء الطبيعي أو المكرر، حيث أن كثرة وسوء استخدام السكر يؤدي لمشاكل صحية مزمنة”

●بن هلابي: ضعف اللياقة هو السبب
من جانبه أوضح الأخصائي (أنس بن هلابي) -أخصائي علاج طبيعي- بمركز (فيزيك)
وأكاديمية نادي الاتحاد، والمهتم بالإصابات الرياضية وتأهيلها بأن: “الإصابات العضلية هي الأكثر حدوثاً، وسببها ضعف اللياقة، وبالتأكيد قد تحدث إصابات أخرى لكن الإصابات العضلية هي السائدة، باختلاف ماهيّة الإصابة ومدى شدّتها، وأي العضلات المتأثرة بحسب اختلاف الرياضة”.
وحول الفرق بين التمزق والشد العضلي أكد بن هلابي بأن: “ما يحدث في التمزق العضلي هو أن بعض أنسجة العضلة تتمزق، وذلك لا يحدث في الشد العضلي، وتختلف درجة التمزق باختلاف مدى الأنسجة المتمزقة ومدى تأثرها بذلك، وتنقسم درجات التمزق إلى ثلاث درجات، أما الشد العضلي هو مجرد شد في أنسجة العضلة، ويحدث ذلك غالباً بسبب الإجهاد على العضلة أو فقدان الأملاح والسوائل في الجسم مع التعرق أثناء المباريات، لذلك نرى الشد غالباً مايحدث في الربع الأخير من زمن المباراة الأصلي.
وبشكل عام نستطيع التفريق بينهما من خلال الفحص السريري والأشعة، كأشعة الموجات فوق الصوتية، أما في أرضية الملعب فنستطيع التفرقة بينهما من خلال وصف اللاعب للألم وطريقة الإصابة، ففي حالات الشد العضلي يكون الشد والألم في كامل العضلة، أما في التمزق العضلي فيكون الألم متركزاً في منطقة الإصابة فقط، كما أنه في درجات التمزق الثانيه والثالثة نجد إختلافاً في لون العضلة، حيث تكون متأثرة بالتمزق ويكون لون الجلد مكان الإصابة مائل إلى الإحمرار أو اللون الأزرق.
كذلك في حالات الشد العضلي تكون الإطالات للعضلة المصابة مريحة ويشعر المصاب بالراحة، أما في حالات التمزق العضلي فيزيد مستوى الألم مع الإطالات”.
ورسم بن هلابي الخطوط العريضة التي تشغل الرياضي عموماً ولاعب كرة القدم خصوصاً في ختام ما قاله إذ أكد على: “اختلاف مدة علاج التمزق باختلاف درجة الإصابة وموقعها في العضلة، حيث أن التمزق العضلي من الدرجة الأولى يحتاج إلى [٣]أسابيع تقريباً من العلاج والتأهيل حتى يعود اللاعب إلى ممارسة نشاطه، أما الدرجة الثانية من التمزق العضلي فتحتاج إلى [٦] أسابيع تقريباً من العلاج والتأهيل، أما الدرجة الثالثة فقد تصل إلى [٣]أشهر حتى يعود اللاعب مرة أخرى لمزاولة هوايته.
ويكون علاجها من خلال جلسات العلاج الطبيعي وبعض الأجهزة المستخدمة في علاج مثل هذه الحالات، والتي تقوم بدورها بتسريع شفاء الأنسجة العضلية، إلى جانب التمرينات العلاجية وبطرق معينة، حتى تُشفى العضلة وتستعيد قوتها بشكل ممتاز، لمنع حدوثها مجدداً بعد مشيئة الله”.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الرجاء تعطيل إضافة مانع الإعلانات حتى تواصل تصفح الموقع