أخبار الصحف السعودية

صحيفة الشرق الاوسط | حكام سعوديون: اتحاد الكرة ضحى بنا «ماليا ومعنويا» لكسب ود الأندية

الرياض: عماد المفوز
جاء قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم المتضمن زيادة عدد مباريات الحكام الأجانب إلى 5 مباريات والعمل به في منافسات هذا الموسم، ليؤكد مدى التوجه لتقنين المباريات التي تسند للحكم السعودي، نظير ممارسة الأندية ضغوطا على الاتحاد السعودي عبر كثير من القنوات في مقدمتها وسائل الإعلام، للتعبير عن عدم رضاهم عن مستوى التحكيم المحلي.
وبدا جليا أن ضغوط الأندية آتت ثمارها، ولم يجد الاتحاد السعودي بدا من التضحية بالحكم السعودي. وصار من غير الطبيعي مشاهدة حكم سعودي يدير مباراة في وزن لقاءات (ديربي) على غرار الهلال والنصر، أو الأهلي والاتحاد، ولقاءات الكلاسيكو الأخرى الاتحاد والهلال والأهلي والنصر، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل بدأت أندية الوسط والمؤخرة هي الأخرى تطالب بحكام أجانب في لقاءاتها الهامة من وجهة نظرها.
كل ذلك يجعل المتابع للرياضة السعودية، يقر بأن مصير الحكم السعودي بات يسير في اتجاه المجهول.
وبدا أن الحكام الشباب تبددت طموحاتهم؛ لأن الرؤية المستقبلية بالنسبة لهم غامضة، أما حكام الخبرة أو المخضرمون فيرون أن حرمانهم من قيادة المباريات الجماهيرية في الدوري السعودي يعني تضاؤل فرصهم بشكل كبير في التحكم الدولي، كون المباريات الكبيرة في الدوري السعودي هي المقياس الحقيقي للاتحاد القاري في اختيار قضاة الملاعب.
«الشرق الأوسط» طرحت القضية على المنتمين لهذا المجال، والتقت مع عدد من الحكام السعوديين لمعرفة الطريق الناجع للخروج من أزمة الثقة التي يعيشونها مع أندية دوري عبد اللطيف جميل للمحترفين.
وجاءت البداية مع الحكم الدولي مرعي العواجي الذي عد أن قرار رفع سقف عدد مباريات الحكام الأجانب إلى 5 مباريات في الموسم الحالي، قرار مجحف؛ وسيتسبب في تعطيل مسيرة تطوير الحكام السعوديين، خاصة الحكام الصغار الذين قُتل طموحهم بهكذا قرار. ويضيف عواجي «الحكام الدوليون والخبراء ليسوا بعيدين عن التأثر السلبي بالقرار؛ كون الحكم كما هو معروف يحتاج إلى المباريات الكبيرة والجماهيرية التي تساعده على تطوير مستواه».
ووصف عواجي قرار الاتحاد السعودي بزيادة عدد مباريات الحكام الأجانب، بالمجاملة على حساب الحكام، وقال: «هذا دليل على أن اتحاد الكرة يحابي الأندية على حساب مصلحة الحكام السعوديين، بل إن ذلك يوحي أن الأندية هي من تتحكم في الاتحاد الذي يقدم لها كل ما تطلبه، ويدافع عنها أيضا».
وأشار عواجي أن ذلك الدعم هو ما يفتقده الحكم السعودي، وبين «لا توجد لدينا منصة ننطلق منها في الدفاع عن حقوقنا، بمعنى أن الاهتمام معدوم، ولا توجد لدينا حماية في ظل الانتقادات والاتهامات من قبل مسؤولي الأندية التي تتصدر عناوين الصحف». وتطرق للحقوق المادية مبينا أنها لم تُصرف حتى الآن، وقال: «لك أن تتصور أن مستحقات لنا في الموسم الماضي لم تصرف، في حين نجد الحكم الأجنبي يأخذ حقوقه مباشرة».
وعد العواجي قرار زيادة مكافآت الحكام 100 في المائة، مجرد (سواليف) «بدليل أن هنالك مستحقات متأخرة أكثر من سنة لم تصرف، فكيف سيتم صرف مكافآت هذا بعد أن وصلت نسبة 100 في المائة (كما يقال)»
وأكد العواجي أن الكرة في ملعب الاتحاد السعودي للعبة خاصة أن «عمر المهنا رئيس لجنة الحكام بذل قصارى جهده في سبيل الوقوف مع الحكام، وتوفير متطلباتهم، وصرف جميع المستحقات المتأخرة، وهذا رأيي أقوله بكل أمانة، ولكن رئيس اللجنة لا يستطيع تحمل هذه الأعباء بمفرده، فهنالك أمور كثيرة خارج نطاقه، ولا يوجد من يساعده».
وشدد عواجي على أن الحكم السعودي محارب من عدة جهات، وليس هناك رغبة في تجديد الثقة في الحكم السعودي كما هو الحال مع الوضع الذي يعيشه المدرب الوطني، وقال: «أكبر دليل على ذلك الكابتن سامي الجابر، لم يحصل على فرصته، رغم أنه اجتهد وثابر من أجل إثبات حضوره كمدرب وطني، لكن يبدو أن الثقة معدومة في كل ما هو وطني في الساحة الرياضية لدينا».
واختتم عواجي حديثه بالقول: «حتى الأخطاء التحكيمية وهي جزء من اللعبة كما هو معروف، وسبق وشاهدنا أخطاء كارثية في مباريات كأس العالم، ومع ذلك فإن الحكم السعودي يتحمل كذلك وتعلق الأخطاء عليه».
من جهته يرى الحكم الدولي تركي الخضير أن قرار زيادة عدد مباريات الحكام الأجانب إلى 5 مباريات، ظالم خاصة أنه لم يتبق للحكم السعودي أي شيء، ويوضح «إذا عرفنا أن المباريات الجماهيرية والقوية ستذهب للحكم الأجنبي، مع الفارق المادي الكبير في الحقوق، فمكافأة الطاقم الأجنبي للمباراة الواحدة تعادل ما يقارب 20 مباراة يقودها الحكم السعودي، أضف إلى ذلك أن الحكم الأجنبي يعطى كافة حقوقه، منذ وصوله وحتى مغادرته حيث يسكن في فندق 5 نجوم، ويأتي ويذهب من دون أي ضغوط».
يضيف الخضير «لا نرى انتقادات توجه للحكم الأجنبي، ولا (دخول في الذمم) كما يحدث للحكم السعودي الذي يتعرض إلى سيل من الهجوم والانتقادات، التي تبث في كل مكان، وتجد البعض يواصل انتقاداته عبر حساباتهم الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي، البعض الآخر يذكر الجميع بحدث حتى لو مضى عليه 20 سنة».
وتطرق الخضير لبعض المحسوبين على الإعلام الرياضي في السعودية بقوله: «هناك من يسيء منهم، خاصة الإعلاميين المحسوبين على الرياضة السعودية، وبصورة عامة للأسف الإعلام في الفترة الحالية يسير بشكل خاطئ وخطير على الوسط الرياضي، ونجد في بعض القنوات، إعلاميين يدافعون عن الأندية أكثر مما يدافعون عن أنفسهم وعملهم».
ويعد الخضير أن موافقة اتحاد الكرة على زيادة عدد الحكام الأجانب، ربما من أجل تخفيف الضغوط على الحكم السعودي الذي أصبح شماعة في كل صغيرة وكبيرة؛ وهو السبب الرئيسي في خسارة أي ناد من قبل مسيري الأندية، والغريب أنني لم أسمع بعد نهاية أي مباراة، منسوب ناد يعاتب لاعبيه على ضياع الفرص أو تحميلهم المسؤولية، أو أن فريقه لم يقدم الأداء الذي يستحق من خلاله الفوز، لكن على العكس لا يجد مثل هؤلاء سوى مهاجمة الطاقم التحكيمي في قرار خاطئ ربما يكون سوء تقدير من حكم الساحة أو مساعديه، لتبدأ الانتقادات والهجوم على الحكم، وكأنه هو المتسبب الرئيسي في خسارة الفريق.
ويبين الخضير أن الأمير لا يتوقف عند ذلك «عقب انتقادات الأندية، يبدأ دور الإعلام المتعصب من خلال إيصال رسالته التي تؤجج الشارع الرياضي». وأكد الخضير أن الحل الوحيد للتقليل من الاحتقان في الوسط الرياضي ودعم الحكم السعودي هو «تثقيف المدربين واللاعبين، وقبل ذلك الجمهور في كيفية معرفة خفايا أمور التحكيم، وأسباب احتساب الحكم للمخالفة، وأحقية اللاعبين في الطرد، بالإضافة قوانين احتساب ضربات الجزاء، وأنا أؤكد أنه متى تثقف الجمهور في ذلك كله، ستخف حدة التعصب لدينا».
وطالب الخضير الاقتداء بقرار رئيس الاتحاد الإماراتي لكرة القدم عندما أعلن لن يتم جلب أي حكم أجنبي في دوري الإمارات وسيتم رفض أي طلب من أي ناد، وأضاف: «كنت أتمنى أن نستفيد من متابعة نهائيات كأس العالم، وكيف يتم احترام الحكام مهما كانت قراراتهم، حيث لا نرى أي تذمر أو اعتراض من اللاعبين أو الإداريين؛ لأنهم يؤمنون أن الأخطاء التحكيمية جزء من اللعبة، وهنا تظهر ثقافة الجماهير».
وأكد الخضير أنه لا يعير أي اهتمام لما يقوله الجماهير أثناء المباراة مبينا أنه «ينصب تركزي داخل الملعب وطوال الـ90 دقيقة، وعندما ألتفت لكلام الجماهير سأفقد التركيز على المباراة، لأنه في الأصل مهما عملنا فإنه لا يوجد أي مقارنة بين الحكم الأجنبي والحكم السعودي، كل شيء مهيأ للحكم الأجنبي من حيث السكن (5 نجوم) وتنتهي المباراة ويتوجه مباشرة إلى المطار دون أن يتعرض إلى أي انتقادات مهما كانت أخطاؤه وقراراته».
الحكم الدولي فهد العريني علق على مقارنة المكافأة بين الحكم السعودي وما يتقاضاه الحكم الأجنبي، قائلا: «المكافأة مهمة، ليست الأهم؛ لأننا كحكام نحتاج للاهتمام والحماية، ومراعاتنا كما هو الحال للحكم الأجنبي».
وفيما يتعلق بزيادة مكافأة الحكم 100 في المائة قال العريني: «أعتقد أن أغلب الحكام لن يحصلوا على هذه الزيادة، لأنه وببساطة سيتم خصم 50 في المائة حسب ما نص عليه قرار اتحاد الكرة في حال وجود أخطاء تحكيمية من قبل الطاقم التحكيمي، وسنفاجأ كالعادة بعدم رضا الأندية». وأضاف: «لكن في نفس الوقت لن نتأثر بالضغوط كما يعتقد البعض فنحن لدينا مناعة، ولا يهمنا النادي الفلاني على حساب النادي الآخر، وقراراتنا لن تتغير في ظل الانتقادات والتصريحات التي تسلط على الحكام، وللأمانة ندرك الدور الكبير الذي يقوم به رئيس لجنة الحكام عمر المهنا وبقية الأعضاء في سبيل توفير جميع الإمكانيات للحكم السعودي، والمهنا يسعى كعضو مجلس إدارة الاتحاد أن يمنح الحكم حقه ومتطلباته، ولكن من الصعب تحقيق ذلك لوحده».
وأشار العريني إلى أن قرار اتحاد كرة القدم في زيادة حضور الحكم الأجنبي لـ5 مباريات، يؤكد رضوخه للأندية والإعلام «والضحية للأسف الحكم السعودي، وأجزم أن هذا القرار سيؤثر بشكل كبير على مسيرة التحكيم والحكم السعودي؛ كونه سيبتعد عن جميع المباريات الجماهيرية ومباريات الديربي، ويمكن تشبيه الحكم باللاعب، فعندما تستبعد نجما له ثقله بالفريق عن المباريات الحساسة والجماهيرية، سيتأثر عطاؤه بشكل كبير، وبالتالي سينخفض مستواه، وكذلك الحال للحكم السعودي الذي يسعى إلى تطوير مستواه من خلال مشاركته في المباريات الجماهيرية التي ينتظرها مثل ما ينتظرها اللاعب».
وأضاف العريني «يفترض على اتحاد الكرة أن يقر زيادة عدد مباريات الحكام الأجانب مع نهاية الموسم الماضي، وكان من الممكن تقبل القرار؛ ولكن من غير المنطق أن يصدر هذا القرار بعد نهاية جولتين من دوري جميل، وهذا يعني أن اتحاد الكرة رضخ للضغوطات، ويجب أن يعلم الجميع أن الحكم السعودي قادر على تلافي أخطائه، وتطوير مستواه، ولا يوجد عمل بالعالم من دون أخطاء، وكل حكم يسعى لنجاحه ودعونا ننتظر حتى نهاية الموسم، ونرى ماذا سيقدم الحكم الأجنبي، وأتمنى من خبراء التحكيم تقييمه، ومدى تأثر القرارات التي يحتسبها على نتيجة المباراة، حتى نستطيع بعدها مقارنة الحكم السعودي بالحكم الأجنبي».
الضغوطات التي يعانيها الحكم السعودي يتحدث عنها الحكم الدولي عبد الرحمن المالكي، ويؤكد «في كل موسم تمارس ضغوط على الحكام السعوديين، وشاهدنا بعض الفرق الكبيرة تتفق مع الفرق الصغيرة التي تلعب على أرضها بشأن جلب حكام أجانب، وهذا يؤكد أن الحكم السعودي غير مرغوب فيه، وسيتضرر بشكل كبير، خاصة أن المباريات الجماهيرية والقوية أصبحت صعبة المنال، في ظل زيادة عدد المباريات التي سيقودها الحكام الأجانب، وهذا بلا شك ليس في صالح الحكم وتطوره، وشاهدنا قبل موسمين كيف استطاع الحكم السعودي أن يثبت حضوره ويدير الكثير من المباريات القوية التي حقق فيها مستوى مميزا، بالرغم أن ممارسة الضغوط المعهودة لم تتغير، وحتى في الموسم الماضي كان مستوى الحكم السعودي مميزا».
وعن الأخطاء التي يقعون بها يقول المالكي: «هي موجودة ولا يمكن أن يقود حكم مباراة كرة قدم فيها الاحتكاك والسرعة، دون أن تكون فيها أخطاء، ولكن يجب التفريق بين الخطأ المتعمد وغير المتعمد». وأضاف: «جميع الحكام دون استثناء يبحثون عن تطوير مستواهم، وكل حكم يسعى لتحقيق النجاح من خلال تلافي أخطائه والتوجيه من قبل لجنة الحكام، ولكن للأسف كما ذكرت أصبحت الضغوط تمارس على جميع اللجان وليس لجنة الحكام فقط، حتى لجنة الانضباط طالها الانتقادات».
واعترف المالكي أنه يفضل أن تكون بعض المباريات تحت إشراف حكم أجنبي وقال: «أتمنى في بعض المباريات الحساسة أن يقودها طاقم حكام أجنبي؛ حتى نبتعد عن المشاكل واللغط الذي دائما يكون فيه الضحية الحكم السعودي، أيضا اهتمام ودعم اتحاد الكرة للحكم السعودي سيكون له مردود إيجابي في عودة هيبة الحكم السعودي، وتجديد الثقة فيه واستبشرنا خيرا بعد قرار اتحاد الكرة بمضاعفة مكافأة الحكام في دوري عبد اللطيف جميل، ونأمل أن ينظر المسؤولون في المستحقات المتأخرة الخاصة بالموسم الماضي التي لم تصرف حتى هذه اللحظة، وللأمانة رئيس لجنة الحكام عمر المهنا لو كان لديه أخطاء لكشفتها، ولكن من دون أي مجاملات هذا الرجل منذ تسلمه اللجنة وهو يبحث عن التطوير وشهادتي فيه مجروحة، وجميع البرامج والدورات والمحاضرات دائما هو من يشرف عليها وحضوره اجتماعات الحكام ومنح الفرصة إلى جميع الحكام للتعبير عن آرائهم ومشاكلهم وهذا أكبر دليل على أنه يبحث عن نجاح الحكام قبل نجاحه».

 

ابراهيم ابو الخير

لا تثق في البدايات فأصدق الكلام يقال في اللحظة الأخيرة..!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الرجاء تعطيل إضافة مانع الإعلانات حتى تواصل تصفح الموقع