أخبار الصحف السعودية

سبق | ماذا فعلت “أرامكو”؟.. أسرار وخفايا “جوهرة جدة” ومصيرها بعد استقلالية الأندية

 

 

 

قد يعتقد البعض أن قرار رئيس الهيئة العامة للرياضة “تركي آل الشيخ” حول بناء 4 استادات رياضية لأندية “الهلال والنصر والأهلي والاتحاد” سيلغي أدوار الملاعب الرئيسة والكبرى كـ”استاد الملك فهد بالرياض، واستاد الجوهرة بجدة”، بينما يُتوقَّع أن تُسهم هذه الملاعب الجديدة في تخفيف الضغط على الأخيرَيْن، وتكون مصدر دخل للأندية الجماهيرية.

وبتسليط الضوء على أحد تلك المشاريع الرياضية العملاقة يتضح أنها كانت – ولا تزال – مَعلمًا مشرفًا وبارزًا لمرتادي المنطقة، وتحديدًا زوار عروس البحر الأحمر جدة (ملعب الجوهرة)، الذي قد يعتقد البعض أنه لا يختلف كثيرًا عن الملاعب الرياضية الأخرى، بينما الحقيقة تقول إن هذا المَعلم الحضاري استنزف أكثر من 8 آلاف عامل، ونُفِّذ خلال مدة قياسية، بلغت 14 شهرًا فقط؛ ليصبح أحد أسرع المشاريع بناء من نوعه في العالم، واستحق أن يحتل المرتبة العاشرة عالميًّا بين الملاعب الرياضية العالمية، وسجل أعلى تجمع كروي في تاريخ الرياضة السعودية في المباراة الافتتاحية بين الأهلي والشباب على كأس الملك بـ84 ألفًا و115 متفرجًا.

والمشاهد للمساته المعمارية السحرية يراه وكأنه “جوهرة” ترتفع من الرمال؛ ومن هنا أتت تسميته بهذا الاسم، واستحق أن توكل مهمة متابعته وتنفيذه للشركة العملاقة “أرامكو السعودية”، بينما أوكلت مهام التشييد فيه لشركة بلجيكية، كانت هي من نفذ مشاريع عملاقة في دولة الإمارات، وفي مقدمتها “برج خليفة”.

الاستاد الحلم تنقل لكم “سبق” أبرز ملامحه، التي أجاد التطرق لها الدكتور “عبد العزيز أحمد حنش”، المتخصص في التصميم العمراني، بقوله: نُفذت أعمال الخرسانات والتشييد من قِبل شركة بلجيكية؛ ما يعكس أهمية هذا المشروع الضخم لدى قيادتنا الرشيدة، وينفذ بمتابعة أرامكو السعودية على أعلى المعايير العالمية والحديثة. وبالفعل ظهر استاد (الجوهرة) بأجمل حلة بعد الانتهاء من تصميمه في عام 2014م، بتكلفة قدرت بنحو 533 مليون دولار، وبسعة جماهيرية بلغت 60.241 متفرجًا.

وأضاف: احتاج المشروع إلى أكثر من ٧ آلاف طن من الحديد، وأكثر من ١٧٠ ألف متر مكعب من الخرسانة، و٦١ ألف متر من أنابيب الأجهزة والمعدات الميكانيكية، و٧٩ ألف متر من الكابلات الكهربائية حتى ظهرت ملامحه علنًا.

ونالت شركة “أرامكو” شرف إنجاز هذا الصرح النوعي على أكمل وجه، ويحسب لها ذلك؛ إذ تم الانتهاء منه عام ٢٠١٤م، وتطلب الأمر لإنهائه أكثر من ٨ آلاف عامل، مع عمل مستمر على مدار الساعة، وخلال مدة تنفيذ قياسية بلغت ١٤ شهرًا فقط؛ ليصبح من أسرع المشاريع بناء من نوعه في العالم.

وتم افتتاح الملعب في ١ مايو ٢٠١٤م، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – رحمه الله -، وشهد إقامة أول مباراة فيه، وكانت نهائي كأس الملك بين الأهلي والشباب.

وتابع: يتميز (جوهرة جدة) بأناقته وجمعه بين العمارة الإسلامية التقليدية من خلال استخدام مفهوم المشربية، وكذلك التصميم المبتكر لتشكيل مبنى عالي الكفاءة ذي استدامة ومرونة على مساحة تقدر بنحو ٣ ملايين م٢. كما يعكس هذا الملعب موقعه بطريقتين، تكمن الأولى في تفاعله مع المناخ الذي يقع فيه، والمحيط من حوله، والثانية بجماله من الناحيتين الداخلية والخارجية.

وقال “حنش”: مَن يتجول بالقرب منه يرى روعة تصميمه من خلال الأقواس والأطر التي تبرز مفهوم المشربية. ومن يحظى بمشاهدة المباريات المقامة فيه يرى تفاصيل أرضية الملعب بوضوح، والتنظيم الجيد، وجودة مواد البناء والرسومات التشكيلية في ممراته التي تعكس الاهتمام بهذا الصرح؛ الأمر الذي جعل عملية الصيانة والتحسين والتطوير المستمر للحفاظ على هذه المنشأة شاهد عيان لأهل المنطقة؛ إذ اتخذت الهيئة العامة للرياضة، بالتعاون مع أرامكو، بعض الخطوات في ذلك، من خلال أعمال إصلاح أرضية الملعب التي تم الانتهاء من حلها كمعضلة استمرت بعض الوقت.

وواصل: لم يتم بناء الاستاد على طول المحور الشمالي الجنوبي التقليدي كما هو متعارف عليه في الملاعب، بل بدلاً من ذلك تم تدوير اتجاه أرضيته بنحو ٤٥ درجة غربًا للتعامل مع المناخ المحلي بأفضل صورة ممكنة، وكذلك لتوفير الظل، وتحسين التهوية الطبيعية. كما أن تصميمه يسهل إدارة الحشود لجماهيرية اللعبة، إضافة إلى كونه سيمكِّن السعودية من استضافة فعاليات قارية وعالمية؛ باعتباره يتوافق مع معايير “الفيفا” الخاصة بالسلامة وحماية أرواح الجماهير، وكود البناء العالمي (IBC)، التي من أهمها “ما يتعلق بتصميم الاستاد الرياضي من مواقف سيارات، ومدرجات الجمهور وخدماتهم، ومناطق الإعلاميين والميديا، وغرف الملاعب، وأرضية الملعب، والإنارة، والسلامة والمراقبة”.

وعن تصميمه الهندسي قال الدكتور “عبد العزيز”: تشكل أنماطه الهندسية جزءًا غنيًّا من الثقافة الإسلامية في تحديد شكله، كما أنها استندت إلى تكوين المشربية في الكسوة الخارجية، من خلال توافر الخصوصية والحماية من أشعة الشمس، وتسمح بالتهوية ومرور الضوء، كما أن تخطيطه المتعامد في المستويات الدنيا من مدرجاته، التي كانت على شكل دائري، زاد من جماليته بعد إلغاء مضمار المحيط بالمستطيل الأخضر.

وعن المحيط الخارجي لـ”الجوهرة المشعة”، وبحسب اهتمام واختصاص “حنش”، قال: سهلت الطرق المحورية من الوصول للأخرى الرئيسية الكبرى، مثل طريق الحرمين، وعسفان، والمدينة المنورة. كما تم تنفيذ شبكة الطرق التي تخدم الحركة من المدينة الرياضية وإليها لتأمين وصول آمن وخروج سليم وقت المباريات؛ إذ قامت وزارة النقل بتنفيذ طرق وتقاطعات رئيسة حرة الحركة وجسور. كما تضمنت الشبكة إنشاء طرق بطول إجمالي ٧٢ كلم، وخمسة تقاطعات رئيسة.

وعن المرافق الأخرى لـ”الجوهرة”، ومواقف المركبات، قال: يحتوي الاستاد على صالة رياضية داخلية متعددة الأغراض، تتسع لـ10 آلاف مقعد، هي الأكبر في السعودية، وملعب ألعاب القوى في الهواء الطلق، يتسع لـ ١٠٠٠ مقعد، إضافة إلى ثلاثة ملاعب كرة قدم، وأربعة ملاعب كرة قدم بخمسة لاعبين، وستة ملاعب تنس، ومضامير لألعاب القوى. كما تضم أيضًا مسجدًا رئيسيًّا، وستة مصليات متفرقة. كما جُهزت بمركز إعلامي متكامل بعدد من القاعات لتغطية المؤتمرات الصحفية للمدربين واللاعبين والشخصيات الرياضية، وغيرها.

وأضاف: وتوفر ٢٣ ألف موقف للمركبات الصغيرة والكبيرة في منطقة تبلغ مساحتها ٢ في 1.5كلم. وقُسمت المواقف لستة أقسام ملونة ومربوطة بالتذاكر والبوابات الداخلية والخارجية. فكل تذكرة لها بوابة خارجية محددة، وموقف محدد بلون، وبوابة إلكترونية مذكورة في التذكرة، كما تم توفير عدد ٣١١ موقفًا لذوي الاحتياجات الخاصة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الرجاء تعطيل إضافة مانع الإعلانات حتى تواصل تصفح الموقع